قتلناه ، كذبا ؛ فذلك تشبيه لهم ، والله أعلم.
فإن احتمل هذا ـ لم يكن ما قالوا من تخطئة العين لهم درك ، ولو كان ما قال أهل التأويل من إلقاء شبهه عليه ؛ فذلك من آيات رسالته ، أراد الله أن تكون آياته قائمة بعد غيبته عنهم ، وفي حال إقامته بينهم ، والله أعلم.
وقوله : (وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ) [قيل : لفي شك](١) من قتل عيسى ـ عليهالسلام ـ قتل أو لم يقتل؟
وقيل : (لَفِي شَكٍّ مِنْهُ) في عيسى ، أي : على الشك يقولون [ذلك.
قال الله ـ تعالى ـ](٢) : (ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّباعَ الظَّنِ).
أي : ليس لهم بذلك إلا اتباع الظن : إلا قولا منهم بظنهم في غير يقين.
(وَما قَتَلُوهُ يَقِيناً).
أي : ما قتلوا ظنهم يقينا ؛ (بَلْ رَفَعَهُ اللهُ).
وقيل : (وَما قَتَلُوهُ يَقِيناً) أي : يقينا ما قتلوه.
(بَلْ رَفَعَهُ اللهُ إِلَيْهِ وَكانَ اللهُ عَزِيزاً).
قيل : عزيزا حين حال بينهم وبين عيسى أن يقتلوه ويصلوا إليه.
(حَكِيماً).
حكم أن يرفعه الله حيّا. وعن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ : (وَكانَ اللهُ عَزِيزاً حَكِيماً) في أن رسله يكونون معصومين (٣) ، وهو قوله ـ تعالى ـ : (كَتَبَ اللهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ) [المجادلة : ٢١] ، وقوله ـ عزوجل أيضا ـ : (وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنا لِعِبادِنَا الْمُرْسَلِينَ. إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ) [الصافات : ١٧١ ـ ١٧٢] ، وقد ذكرنا هذا فيما تقدم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ).
اختلف فيه :
قال بعضهم : قوله ـ تعالى ـ : (قَبْلَ مَوْتِهِ) أي : قبل موت عيسى ، إذا نزل من السماء ـ آمنوا به أجمعين ، وبه يقول الحسن.
وقال الكلبي : إن الله ـ تعالى ـ إذا أنزل عيسى ـ عليهالسلام ـ عند مخرج الدجال ، فقتل الدجال ـ يؤمن به بقية أهل الكتاب ؛ فلا يبقى يهودي ولا نصراني إلا أسلم.
__________________
(١) سقط من ب.
(٢) في ب : إنه ابن الله.
(٣) ينظر : تفسير الطبري (٩ / ٣٧٨) رقم (١٠٧٩٣) ، الدر المنثور (٢ / ٤٢٦).