قال قتادة : كان أهل الجاهلية يخنقون الشاة ؛ حتى إذا ماتت أكلوها (١).
والكافر ـ في الحقيقة ـ يهل لغير الله ؛ لأنه لا يعرف الله حقيقة ، لكنه أجيز ذبائح الكتابي (٢) ؛ لأنه يسمي عليها (٣) اسم الله تعالى.
(وَالْمَوْقُوذَةُ) : كانوا يضربون بالعصي حتى إذا ماتت أكلوها.
(وَالْمُتَرَدِّيَةُ) : كانت تردى في بئر أو من جبل ؛ فتموت.
(وَالنَّطِيحَةُ) : كان الكبشان يتناطحان ؛ فيموت أحدهما ، فيأكلونه.
(وَما أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ) : كان أهل الجاهلية إذا قتل (٤) السبع شيئا من هذا وأكل منه ، أكلوا ما بقي ؛ فقال الله ـ تعالى ـ : (إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ).
ثم روي عن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ قال : (وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ) فما أدركت من هذا كلّه يتحرك [له الذّنب](٥) ، أو يطرف له العين ـ فاذبح ، واذكر اسم الله عليه ؛ فهو حلال (٦).
__________________
(١) أخرجه الطبري (٩ / ٥٠٢) ، رقم (١١٠٣٢).
(٢) ذهب الشافعية إلى أنه يشترط في المذكى أن يكون مسلما أو كتابيّا. وحقيقة الكتابي عندهم : هي أنه إن كان يهوديّا أو نصرانيّا من العجم ، أو ممن دخل في دينهم قبل النسخ والتبديل ـ حلت ذبيحته. وإن كان من نصارى العرب ، وهم : تنوخ ، وبهراء ، وبنو تغلب ، أو غيرهم ممن شك في وقت دخولهم في دين أهل الكتاب ـ لم تحل ذبائحهم ولا مناكحتهم ؛ فالمناكحة والذكاة متلازمتان لا يفترقان ، فمن حلت مناكحته حلت ذبيحته ، ومن لا تحل مناكحته لا تحل ذبيحته ، إلا في مسألة واحدة ، وهي الأمة الكتابية ؛ فإنه تحل ذبيحتها ولا تحل مناكحتها ؛ إذ لا أثر للرق في الذبح. واشترطوا ألا يشاركه في الذبح من لا تحل تذكيته ؛ فلو شارك نحو مجوسي مسلما في الذبح ـ حرم المذبوح ؛ تغليبا لجانب التحريم ؛ فمن أطاق الذبح من المسلمين وأهل الكتاب ـ إذا ذبح ـ حل أكل ذبيحته ، رجلا كان أو امرأة ، بالغا كان أو صبيّا ، حرّا كان أو عبدا ؛ بلا خلاف.
وتحل ذكاة الصبي غير المميز ، والمجنون ، والسكران ، في أظهر قولى الشافعي ـ رضي الله عنه ـ مع الكراهة ؛ كتذكية الأعمى.
ولا تحل ذبيحة المرتد ، ولا الوثني ، ولا المجوسي. هذا ما ذكره الشافعية في المذكي.
قال الرافعى ـ نقلا عن نص الشافعي ـ : لو كان لأهل الكتاب ذبيحة يذبحونها باسم غير الله تعالى : كالمسيح ـ لم تحل ، وبه قال جمهور الفقهاء وجميع الأئمة.
وقيل : يكره عند مالك. وقال عطاء : كل من ذبيحة النصراني وإن قال : «باسم المسيح» ، وبه قال مجاهد ومكحول.
ينظر : المبسوط (٥ / ٤٥) ، الأم (٢ / ٢٥٩) ، المغني لابن قدامة (٩ / ٢٩٢) ، المجموع (٩ / ٨٤) ، الفواكه الدواني (١ / ٣٩٠).
(٣) في الأصول : عليه.
(٤) في ب : إذا أكل.
(٥) في أ : بالذنب.
(٦) أخرجه الطبري (٩ / ٥٠٢) ، رقم (١١٠٣٢).