والخبز ، وغيره. لم يحل لكم ما يكره به أنفسكم التناول منه [غير مطبوخ ، ولا مذبوح ، ولا مشوى ، ولكن أحل لكم بأسباب طابت بها أنفسكم التناول منه ،] والله أعلم.
ويحتمل وجها آخر : وهو أن أحل لكم ما يستطيب به طباعكم لا ما تنكره طباعكم وتنفر عنه ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ) : كأنهم سألوا [رسول الله ، صلىاللهعليهوسلم](١) ، عما يحل من الجوارح؟ فذكر ذلك لهم ، مع ما ذكر في بعض القصة : أن النبي صلىاللهعليهوسلم لما أمر بقتل الكلاب ، فأتاه أناس ، فقالوا : ما ذا يحل لنا من هذه الأمة التي أمرت بقتلها؟ فنزل قوله تعالى : (يَسْئَلُونَكَ ما ذا أُحِلَّ لَهُمْ ...)(٢) الآية.
وقيل : سميت : جوارح ؛ لما يكتسب بها ، والجوارح : هن الكواسب (٣) ؛ قال الله ـ تعالى ـ : (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ) [الجاثية : ٢١] ، قيل : اكتسبوا ، وجرح : كسب.
وقال أبو عبيد : سميت : جوارح ؛ لأنها صوائد ، وهو ما ذكرنا من الكسب ، يقال :
فلان جارح أهله ، أي : كاسبهم.
وقال غيره : سميت : جوارح ؛ لأنها تجرح ، وهو من الجراحة ، فإذا لم يجرح ، لم يحل صيده.
واحتج محمد ـ رحمهالله ـ بهذا المعنى في صيد الكلب إذا قتل ، ولم [يجرح في مسألة](٤) من كتاب الزيادات ، ومما يدل على صحة ذلك ما روي عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن عدي بن حاتم ـ رضي الله عنه ـ قال : سألت رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن (٥) المعراض؟ (٦) فقال : «ما أصبت بعرضه فلا تأكل ؛ فهو وقيذ ، وما أصبت بحدّه فكل» (٧).
__________________
(١) في ب : النبي ، عليهالسلام.
(٢) أخرجه الطبري في تفسيره (٩ / ٥٤٦) ، رقم (١١١٣٦) ، وذكره السيوطي في الدر المنثور (٢ / ٤٥٩) ، وعزاه للطبري عن محمد بن كعب القرظي.
(٣) الجوارح : جمع جارحة ، ومعناه : الكواسب ؛ اجترحت : اكتسبت ، وبه سميت جارحة الإنسان ؛ لأنه بها يكتسب ويتعرف. ينظر : النظم المستعذب (١ / ٢٣١).
(٤) في أ : يخرج مسألته.
(٥) في أ : من.
(٦) قال الهروي : هو سهم بغير ريش ولا نصل يصيب بعرضه. ينظر : الغريبين (٢ / ٢٧٤) ، تهذيب اللغة (١ / ٤٦٦).
(٧) أخرجه أحمد (٤ / ٢٥٦ ، ٢٥٨ ، ٣٧٧) ، وأبو داود (٢ / ١٢٢) كتاب الصيد : باب في الصيد ، رقم (٢٨٥٤) ، والترمذي (٣ / ٣٨) كتاب الصيد : باب ما جاء في صيد المعارض ، رقم (١٤٧١).