غلطوا ، فحكي الله ـ تعالى ـ عنهم ما قالوا.
قيل له : لم يحك الله ـ تعالى ـ هذا القول عن المشركين ، ولكن قطع بالقرآن عذرهم ، فقال : (أُنْزِلَ الْكِتابُ) ؛ لئلا يقولوا : (إِنَّما أُنْزِلَ الْكِتابُ عَلى طائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنا وَإِنْ كُنَّا عَنْ دِراسَتِهِمْ لَغافِلِينَ) ، فهذا كلام الله واحتجاجه على (١) المشركين ، وليس بحكاية عنهم.
ومن الدليل على أن المجوس ليسوا (٢) من أهل الكتاب ما قال عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ وهو في مجلس بين القبر والمنبر : ما أدري كيف أصنع بالمجوس ، وليسوا بأهل الكتاب؟» ، فقال عبد الرحمن بن عوف : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «سنّوا بالمجوس سنّة أهل الكتاب» (٣). صرح عمر ـ رضي الله عنه ـ بأنهم ليسوا أهل الكتاب (٤) ،
__________________
(١) في أ : عن.
(٢) في أ : ليس.
(٣) أخرجه مالك (١ / ٢٧٨) كتاب الزكاة : باب جزية أهل الكتاب والمجوس ، حديث (٤٢) ، والشافعي (٢ / ١٣٠) كتاب الجهاد : باب ما جاء في الجزية ، حديث (٤٣٠) ، وعبد الرزاق (٦ / ٦٨ ـ ٦٩) كتاب أهل الكتاب : باب أخذ الجزية من المجوس ، حديث (١٠٠٢٥) ، وابن أبي شيبة (١٢ / ٢٤٣) كتاب الجهاد : باب ما قالوا في المجوس تكون عليهم جزية ، حديث (١٢٦٩٦) ، وأبو عبيد في الأموال ص (٤٠) حديث (٧٨) والبيهقي (٩ / ١٨٩ ـ ١٩٠) كتاب الجزية : باب المجوس أهل كتاب والجزية تؤخذ منهم ، وأبو يعلى (٢ / ١٦٨) رقم (٨٦٢) ، كلهم من حديث جعفر بن محمد عن أبيه ، أن عمر بن الخطاب ذكر المجوس فقال : ما أدري كيف أصنع في أمرهم ؛ فقال عبد الرحمن ابن عوف : أشهد أني سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «سنوا بهم سنة أهل الكتاب».
وفي تنوير الحوالك (١ / ٢٠٧) قال ابن عبد البر : هذا حديث منقطع ؛ فإن محمد بن عليّ لم يلق عمر ولا عبد الرحمن بن عوف.
قال الحافظ في «التلخيص» (٣ / ١٧٢) : وهو منقطع ؛ لأن محمد بن عليّ لم يلق عمر ولا عبد الرحمن ، وقد رواه أبو على الحنفي عن مالك عن جعفر عن أبيه عن جده. قال الخطيب في الرواة عن مالك : تفرد بقوله عن جده أبو علي ، قلت ـ أي : الحافظ ـ : وسبقه إلى ذلك الدار قطني في غرائب مالك ، وهو مع ذلك منقطع ؛ لأن علي بن الحسين لم يلق عمر ولا عبد الرحمن إلا أن يكون الضمير في جده يعود على محمد ؛ فجده محمد سمع منهما ، لكن في سماع محمد من حسين نظر كبير. ا ه.
وللحديث شاهد من حديث السائب بن يزيد :
وذكره الهيثمي في «المجمع» (٦ / ١٦) عنه قال : شهدت رسول الله صلىاللهعليهوسلم فيما عهد إلى العلاء حين وجهه إلى اليمن قال : «ولا يحل لأحد جهل الفروض والسنن ويحل له ما سوى ذلك». وكتب للعلاء : «أن سنوا بالمجوس سنة أهل الكتاب».
وقال الهيثمي : رواه الطبراني وفيه من لم أعرفهم.
لكن لحديث عبد الرحمن طريق آخره ذكره الحافظ في «التلخيص» (٣ / ١٧٢) فقال : ورواه ابن أبي عاصم في كتاب النكاح بسند حسن ، قال : ثنا إبراهيم بن الحجاج ، ثنا أبو رجاء جار لحماد بن سلمة ، ثنا الأعمش عن زيد بن وهب قال : كنت عند عمر بن الخطاب فذكر من عنده المجوس ؛ فوثب عبد الرحمن بن عوف فقال : أشهد بالله على رسول الله صلىاللهعليهوسلم لسمعته.
(٤) في ب : كتاب.