جعلت له مسجدا وطهورا ؛ فكان قوله : «طهورا» تفسيرا لقوله : «طيبا» ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ)
قد ذكرنا فيما تقدم أن التيمم ضربتان : ضربة للوجه ، وضربة لليدين إلى المرفقين.
وقوله ـ عزوجل ـ : (ما يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ)
يحتمل هذا وجهين : يحتمل ما يريد أن يضيق عليكم ليأمركم بحمل الماء إلى حيثما كنتم في الأسفار وغيره ؛ [ولكن جعل لكم التيمم ، ورخص لكم أن تؤدوا ما فرض عليكم به ، ولم يكلفكم حمل الماء في الأسفار وغيره ،](١) والله أعلم.
ووجه آخر : ما أراد الله بما تعبدكم من أنواع العبادات أن يجعل عليكم من حرج ؛ ولكن أراد ما ذكر.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَلكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ)
يحتمل يريد ليطهركم به : بالتوحيد والإيمان به وبالرسل جميعا.
ويحتمل قوله : (يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ) من الذنوب والآثام التي ارتكبوها ؛ كقوله ـ تعالى ـ : (إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ) [هود : ١١٤].
ويحتمل : التطهير من الأحداث والجنابات كما قال أهل التأويل.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ)
تمام ما ذكرنا من التوحيد والإيمان والهداية لدينه ، والتكفير مما ارتكبوا ، ويجوز أن يكون هذا في قوم علم الله أنهم يموتون على الإيمان ؛ حيث أخبر أنه يتم نعمته عليهم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ)
أمر ـ والله أعلم ـ بشكر ما أنعم عليهم من أنواع النعم.
(وَمِيثاقَهُ الَّذِي واثَقَكُمْ بِهِ)
يحتمل الميثاق : ميثاق الخلقة وشهادتها ؛ إذ خلقة كلّ أحد تشهد على وحدانيته وربوبيته. ويحتمل الميثاق الذي ذكر : ميثاق قول قالوه وقبلوا ما دعوا إليه.
وقوله : (إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنا وَأَطَعْنا) قال بعضهم : أجبنا دعوتك ، وأطعنا أمرك.
وقال آخرون : سمعنا قولك ، وأطعنا أمرك.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَاتَّقُوا اللهَ)
__________________
ـ ٣٧١) كتاب المساجد ، حديث (٣ / ٥٢١) ، والنسائي (١ / ٢١٠ ـ ٢١١) كتاب الطهارة : باب التيمم بالصعيد (٤٣٢) ، والدارمي (١ / ٣٢٢) ، والبيهقي (١ / ٢١٢) ، وأحمد (٣ / ٣٠٤).
(١) ما بين المعقوفين سقط من ب.