أَسَأْتُمْ فَلَها) [الإسراء : ٧] ، أي : فعليها.
وقيل : قوله : (ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللهُ لَكُمْ) فتحها ، إن أطعتم أمر الله فيما أمركم به ، وانتهيتم عما نهاكم عنه ، وأجبتم رسوله إلى ما دعاكم إليه ، أي : إذا فعلتم ذلك يفتح الله تلك الأرض ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ) ، قيل : هي الشام (١) ، وقيل : غيرها ، ثم سماها مرة مقدسة ، ومرة (٢) : مباركة ، وهو كقوله : (إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ) [الإسراء : ١] ، ثم يحتمل قوله : (بارَكْنا حَوْلَهُ) بكثرة الثمار والفواكه ، وسعة عيشها ، وكثرة ريعها. ويحتمل : أن سماها مباركة ؛ لما كانت معدن العباد والزهاد ومنزهة عن الشرك وجميع الفواحش والمناكير ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَلا تَرْتَدُّوا عَلى أَدْبارِكُمْ)
هذا ـ والله أعلم ـ كناية عن الرجوع عن الدين ؛ وهو كقوله ـ تعالى ـ : (وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً) [آل عمران : ١٤٤] ، وإنما صار ذلك كناية عن الرجوع عن الدين ـ والله أعلم ـ لما ذكرنا في أحد التأويلين : أنه كتب عليهم قتال أهل تلك الأرض ، فتركوا أمر الله وطاعته.
ويحتمل : أن وعد الله لهم فتح تلك الأرض ، فلم يصدقوا رسوله فيما أخبر عن الله من الفتح لهم ؛ فكفروا بذلك.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَتَنْقَلِبُوا خاسِرِينَ)
يحتمل : أن يكون ذلك لهم في الآخرة ، ويحتمل : في الدنيا منهزمين.
ويحتمل قوله ـ تعالى ـ : (وَلا تَرْتَدُّوا عَلى أَدْبارِكُمْ)
أي : لا ترجعوا وراءكم ، ولكن ادخلوها.
وقوله ـ عزوجل ـ : (قالُوا يا مُوسى إِنَّ فِيها قَوْماً جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَها حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْها فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْها فَإِنَّا داخِلُونَ)
يحتمل : أن يكون هذا ـ والله أعلم ـ لما رأوا فرعون مع قربه (٣) وكثرة جنوده ، مع ادعاء ما ادعى من الربوبية لنفسه ـ لعنة الله عليه وعلى آله ـ لم يقدر على فتح تلك
__________________
(١) قاله قتادة ، أخرجه عنه عبد الرزاق في التفسير (١ / ١٨٦) ، ومن طريقه الطبري (٤ / ٥١٣) ، رقم (١١٦٥٠) ، وعبد بن حميد ، كما في الدر المنثور (٢ / ٤٧٨).
(٢) في ب : وهي.
(٣) في أ : قومه.