[سيدنا](١) محمد صلىاللهعليهوسلم.
وسورة المائدة كان أكثرها نزلت في مخاطبة أهل الكتاب ؛ لأنه يقول في غير موضع : (يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتابِ) و (يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ) يدعوهم إلى الإيمان بالرسل ، ونزل سورة الأنعام في مخاطبة أهل الشرك ؛ لأن فيها دعاء إلى التوحيد.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِ) : يحتمل وجهين :
يحتمل : (بِالْحَقِ) على ما نزل.
ويحتمل : (بِالْحَقِ) المعلوم المعروف على ما كانوا ؛ ليعلموا أنه بالله علم ، وأنه علم سماوي.
وقوله ـ عزوجل ـ : (إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) : هذا يحتمل وجهين :
يحتمل : إنما يتقبل الله قربان من اتقى الشرك ، لا يتقبل قربان من لم يبق (٢) ، وإلى هذا يذهب الحسن ، وقال : كانا رجلين من بني إسرائيل : أحدهما مؤمن ، والآخر منافق ، فتنازعا في شيء فقربا ليعلم المحق منهما ، فتقبل من المؤمن ولم يتقبل من الآخر.
وقال أبو بكر الأصم : كانا رجلين مصدقين ؛ لأن الكافر لا يقرب القربان ، لكن أحدهما كان أتقى قلبا فتقبل قربانه ، والآخر لا فلم يتقبل قربانه ، والتقوى شرط في قبول القرابين وغيرها من القرب ؛ كقوله ـ عزوجل ـ : (إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) ، وقوله : والكافر لا يقرب القربان ، يقال : قد يقرب لما يدعى من الدين أن الذي هو عليه حق ؛ ليظهر المحق منهم ؛ ألا ترى أنهم يدّعون أن [فيهم](٣) من هو أحق بالرسالة من محمد صلىاللهعليهوسلم بقولهم : (لَوْ لا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ) [الزخرف : ٣١] ، وغير ذلك [من](٤) أباطيل قالوها ، وبالله التوفيق.
وقوله ـ عزوجل ـ : (لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي ما أَنَا بِباسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ)
قال بعض الناس : إن الواجب علينا أن نفعل مثل فعل أولئك ، لا ينبغي لمن أراد أحد قتله أن يقتله ، ولكن يمتنع عن ذلك على ما امتنع أحد ابني آدم ؛ حيث قال له : (لَأَقْتُلَنَّكَ) ، فقال له الآخر : (ما أَنَا بِباسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ) ، واحتجوا في ذلك
__________________
(١) سقط من ب.
(٢) قاله الضحاك ، أخرجه عنه الطبري (٤ / ٥٣١) رقم (١١٧٢٧).
(٣) سقط من ب.
(٤) سقط من ب.