بأخبار رويت : روي عن أبي موسى الأشعري ، كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «إذا تواجه (١) المسلمان بسيفيهما فقتل أحدهما صاحبه ، فهما فى النّار» ، فقيل : يا رسول الله ، أرأيت المقتول؟! فقال : «إنّه أراد أن يقتل صاحبه» (٢).
وعن سعد بن مالك قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إن استطعت أن تكون عبدا لله ، ولا تقتل أحدا من أهل القبلة فافعل» (٣).
وعن الحسن ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إنّ ابني آدم ضربا لهذه الأمّة مثلا ، فخذوا بالخير منهما» (٤).
وعن أبي ذر ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «كيف يا أبا ذرّ إذا كانت بالمدينة قتل بغير حجارة؟» قال : قلت : ألبس سلاحي ، قال : «شاركت القوم إذن» قال : قلت : كيف أصنع يا رسول الله؟ قال : «إن خشيت أن يبهرك شعاع السّيف فألق ناحية ثوبك على وجهك ، يبوء بإثمك وإثمه» (٥) يحتجون بمثل هذه الأخبار.
وقال آخرون : له أن يقاتل إذا لم يتعظ صاحبه بالله ، وأراد قتله ، فهو في سعة من قتل من يريد أن يبتدئه بالقتل ؛ استدلالا بما أمر الله ـ تعالى ـ بقتال أهل البغى ؛ كقوله ـ تعالى ـ : (فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللهِ) [الحجرات : ٩] ، فصار الحكم في أمتنا ما أمرهم الله به من قتال البغاة ؛ لأن الله ـ تعالى ـ قال : (لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجاً) [المائدة : ٤٨] ، على أن قتال المشركين كان محظورا في أول مبعث النبي صلىاللهعليهوسلم وقبل ذلك بأوقات ، وقالوا : فغير منكر أن يكون الوقت الذي ذكره الله في هذه الآية كان قتال المشركين وتجريد السيف فيه محظورا ، فأذن الله في قتالهم وقتال أهل البغي ، فصار الحكم في أمتنا ما أمر الله [به](٦) من قتال البغاة والمشركين ، والله أعلم.
وأما ما احتجوا به من الأخبار التي رويت من اقتتال المسلمين وأشباهها : فإن ذلك ، ـ
__________________
(١) في الأصول : توجه.
(٢) أخرجه البخاري (١٢ / ١٩٩) كتاب الديات : باب قول الله : (وَمَنْ أَحْياها) ، رقم (٦٨٧٥) ، ومسلم (٤ / ٢٢١٣) كتاب الفتن : باب «إذا تواجه المسلمان» (١٤ / ٢٨٨٨) من حديث أبي بكرة.
(٣) أخرجه أحمد في المسند (٥ / ١١٠) من حديث خباب بن الأرت (٥ / ٢٩٢) من حديث خالد بن عرفطة ، وذكره السيوطي في الدر المنثور (٢ / ٢٧٥) من طريق خالد ، وعزاه لأحمد والحاكم.
(٤) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره (١ / ١٨٧) ، والطبري (١١٧٧١) عن الحسن مرسلا.
(٥) أخرجه أبو داود (٤ / ١٠١) كتاب الفتن : باب النهي عن السعى في الفتنة (٤٢٦١) ، وابن ماجه (٥ / ٤٤٧ ، ٤٤٨) كتاب الفتن : باب التثبت في الفتنة (٣٩٥٨) ، والطيالسي (٤٥٩) ، وأحمد (٥ / ١٤٩ ، ١٦٣) ، وابن حبان (٥٩٦٠ ، ٦٦٨٥) ، والحاكم (٤ / ٤٢٤) ، والبيهقي (٨ / ١٩١).
(٦) سقط من ب.