في التوراة ما يقول هو ، ونحو ذا (١).
وقيل : إنهم كانوا طلائع الكفرة وعيونا لهم ، فإذا أتى لهم منهم خبر يخبرون ضعفة أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم خلاف ما أتاهم ؛ نحو قولهم (٢) : (إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ) [آل عمران : ١٧٣] ، كانوا يخشونهم ؛ لئلا يغزوهم ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَواضِعِهِ)
يحتمل التحريف وجهين :
يحتمل : تبديل الكتابة من الأصل ؛ كقوله ـ تعالى ـ : (فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هذا مِنْ عِنْدِ اللهِ) [البقرة : ٧٩] ويحتمل تغيير المعنى في العبارة على غير تبديل الكتاب ، يغيرون على السفلة ، والذين لا يعرفون غير ما فهموا منه.
وقوله : (يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هذا)
يعنون ب «هذا» : ما حرفوه وغيروه.
(فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا)
عن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ قال : نزلت الآية في رجل وامرأة من اليهود زنيا ، وكان حكم الله في التوراة في الزنا : الرجم ، وكانوا يرجمون الوضيع منهم إذا زنا ، ولا يرجمون الشريف ـ وكانا في شرف وموضع ، وكانا قد أحصنا ، فكرهت اليهود رجمهما ، وفي كتابهم الرجم ، وكانوا أرادوا أن يرتفع الرجم من بينهم ، وأن يكون حدهم الجلد ؛ فذلك قوله ـ تعالى ـ : (إِنْ أُوتِيتُمْ هذا) ـ يعنون : الجلد ـ (فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا) ، فكتبوا بذلك إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم وسألوا عن ذلك ، فقالوا : يا محمد ، أخبرنا عن الزاني والزانية إذا أحصنا : ما حدّهما؟ وهل تجد فيهما الرجم فيما أنزل الله ـ تعالى ـ عليك؟ فقال لهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «وهل ترضون بقضائي فى ذلك؟» قالوا : نعم ؛ فنزل
__________________
(١) أخرجه البخاري (٩ / ٩٠) في كتاب التفسير : باب (قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْراةِ فَاتْلُوها إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) [آل عمران : ٩٣] (٤٥٥٦) ، ومسلم (٣ / ١٣٢٦) كتاب الحدود : باب رجم اليهود ، (٢٦ ـ ١٦٩٩) من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنهما ـ أن اليهود جاءوا إلى النبي صلىاللهعليهوسلم برجل منهم وامرأة قد زنيا ، فقال لهم : «كيف تفعلون بمن زنى منكم؟» قالوا : نحممهما ونضربهما. فقال : لا تجدون في التوراة الرجم؟! فقالوا : لا نجد فيها شيئا ؛ فقال لهم عبد الله بن سلام : كذبتم (قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْراةِ فَاتْلُوها إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) [آل عمران : ٩٣] فوضع مدراسها الذي يدرسها منهم كفه على آية الرجم ، فطفق يقرأ ما دون يده وما وراءها ولا يقرأ آية الرجم ؛ فنزع يده عن آية الرجم ؛ فقال : ما هذه؟ فلما رأوا ذلك قالوا : هي آية الرجم ؛ فأمر بهما فرجما قريبا من حيث موضع الجنائز عند المسجد ، فرأيت صاحبها يجنأ عليها ؛ يقيها الحجارة. وهذا لفظ البخاري.
(٢) في ب : قوله.