ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (٧٥) قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا نَفْعاً وَاللهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٧٦) قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلا تَتَّبِعُوا أَهْواءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيراً وَضَلُّوا عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ)(٧٧)
وقوله ـ عزوجل ـ : (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ ...) [الآية](١) :
يحتمل قوله ـ عزوجل ـ : (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا) : أي : كفروا بعيسى ؛ لأن عيسى كذبهم في قولهم : «إنه ابن الله» بقوله : (يا بَنِي إِسْرائِيلَ اعْبُدُوا اللهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ ...) الآية ، وبقوله : (إِنَّ اللهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ) [آل عمران : ٥١] ، وبقوله : (إِنِّي عَبْدُ اللهِ آتانِيَ الْكِتابَ ...) الآية [مريم : ٣٠] ، أخبر أنه عبد الله ، ليس هو إلها ولا ابنه ، تعالى الله عن ذلك.
والثاني : كفروا بعلمهم ؛ لأنهم علموا أنه ابن مريم ، وسموه ابن مريم ، ثم قالوا : هو الله أو ابن الله ، فإن (٢) كان ابن مريم أنّى يكون له ألوهية؟! فإذا كانت أمه لم تستحق الألوهية وهي أقدم منه ، كيف يكون لمن بعدها؟! ولكن لسفههم قالوا ذلك ، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
وقوله ـ عزوجل ـ : (إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْواهُ النَّارُ) : إذا حرم عليه الجنة صار مأواه النار.
وقيل : سمي : مسيحا ؛ قال الحسن : سمي ذلك ؛ لأنه ممسوح بالبركات (٣) ، وسمي الدجال : مسيحا ؛ لأنه ممسوح باللعنة.
وقيل : المسيح بمعنى الماسح ، وذلك جائز ؛ الفعيل بمعنى الفاعل ، وهو ما كان يمسح المريض والأكمه والأبرص فيبرأ ، ويمسح الموتى فيحيون ، ومثل ذلك ؛ فسمي بذلك ، والله أعلم.
والفعيل بمعنى المفعول جائز ـ أيضا ـ يقال : جريح ومجروح ، وقتيل ومقتول ؛ هذا كله جائز في اللغة.
وقوله ـ عزوجل ـ : (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ)
__________________
(١) سقط من ب.
(٢) في ب : فإذا.
(٣) أخرجه ابن جرير (٣ / ٢٦٨) ، (٧٠٦٠) عن إبراهيم النخعي ، (٧٠٦١) عن سعيد بن أبي عروبة.
وذكره البغوي في تفسيره (١ / ٣٠١ ـ ٣٠٢).