بِها أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ)(١٢) (١)
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَلَكُمْ نِصْفُ ما تَرَكَ أَزْواجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كانَ لَهُنَّ وَلَدٌ ...) إلى آخر ما ذكر : فيه مراد الخصوص ، وإن كان مخرج الخطاب عامّا ؛ لأن الزوج أو الزوجة إذا لم يكن على دين صاحبه وعلى وصفه لم يجز بينهما التوارث ؛ دل أن ليس لأحد الاحتجاج بعموم المخرج ، على ما ذكرنا في الولد والوالد والأم وغيرهم : أنه إذا لم يكن بعضهم على وصف بعض لم يجز بينهما التوارث ؛ دل أن عموم مخرج الخطاب لا يدل على عموم المراد ، ثم الآية معطوفة على ما سبق من الآيات ؛ لأنها ذكرت بحرف العطف والنسق بقوله : (وَلَكُمْ نِصْفُ ما تَرَكَ أَزْواجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ) والربع إن كان لهن ولد (وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ) ، والثمن إن كان لكم ولد ، فبين في الآية الأولى ميراث الأب والأم وميراث الأولاد ، ولم بين ميراث الأزواج ، ثم بين في هذه الآية ؛ فنسق على الأول ؛ دل أن الأزواج والزوجات إذا كانوا معهم فإن الحكم لا يختلف فيهم ، يكون للأم الثلث إذا لم يكن هنالك ولد ولا اثنان من الإخوة والأخوات فصاعدا ، والسدس إن كان له ولد أو اثنان من الإخوة والأخوات يكون لها مع هؤلاء ثلث ما بقى ، حيث نسق هذه على السابقة (٢).
وقوله ـ عزوجل ـ (وَإِنْ كانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً)
اختلف في الكلالة :
قال بعضهم : الكلالة : الميت الذي لا ولد له ولا والد.
__________________
(١) قال القاسمي (٥ / ٥٧) : في الآية ما يدل على فضل الرجال على النساء ؛ لأنه تعالى حيث ذكر الرجال في هذه الآية ذكرهم على سبيل المخاطبة ، وحيث ذكر النساء ذكرهن على سبيل المغايبة ، وأيضا خاطب الله الرجال في هذه الآية سبع مرات ، وذكر النساء فيها على سبيل الغيبة أقل من ذلك. وهذا يدل على تفضيل الرجال على النساء كما فضلوا عليهن في النصيب.
ثم قال ـ رحمهالله ـ في (٥ / ٦١) : اتفق العلماء على المراد من قوله تعالى : وله أخ أو أخت ـ الأخ والأخت من الأم ، وقرأ سعد بن أبي وقاص وغيره من السلف : وله أخ أو أخت من أم. وكذا فسرها أبو بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ فيما رواه قتادة عنه. قال الكرخي : القراءة الشاذة كخبر الآحاد. لأنها ليست من قبل الرأي. وأطلق الشافعي الاحتجاج بها ، فيما حكاه البويطي عنه ، في باب (الرضاع) وباب (تحريم الجمع) وعليه جمهور أصحابه. لأنها منقولة عن النبي صلىاللهعليهوسلم. ولا يلزم من انتفاء خصوص قرآنيتها ، انتفاء خصوص خبريتها. وقال القرطبي : أجمع العلماء على أن الإخوة هاهنا هم الإخوة لأم. قال : ولا خلاف بين أهل العلم أن الإخوة للأب والأم ، أو للأب ، ليس ميراثهم هكذا. فدل إجماعهم على أن الأخوة المذكورين في قوله ـ تعالى ـ : (وَإِنْ كانُوا إِخْوَةً رِجالاً وَنِساءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) [النساء : ١٧٦] هم الإخوة لأبوين ، أو لأب.
(٢) في ب : الأولى.