إِطْعامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ مِنْ أَوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمانِكُمْ إِذا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمانَكُمْ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)(٨٩)
مسألة (١) :
اختلف الناس في تأويل أحرف ذكرت في قوله ـ عزوجل ـ : (لا يُؤاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما عَقَّدْتُمُ الْأَيْمانَ ...) إلى قوله : (لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) مما للناس حاجة إلى معرفة حقيقة ما في كل حرف منها : أنه لم يزل يتنازع أهل الفقه في أحكامه ، مما يعلم أن حق البيان في الخطاب لا يبلغ ما يقطع موضع التنازع فيه ، ولا بحيث يبلغ حقيقته كل سامع ، وأن في شرط المحن بالأسباب التي يمتحن بها (٢) لزوم الفكر فيها ، والبحث عنها ، والسؤال عنها الذين (٣) خصوا بفهمها بسؤالهم من ولي الإبانة عنها ، أو مقابلتهم بما سبق لهم العلم بها في معرفة ذلك بيان ما خفي من معنى الذي قرع سمعه ، أو بغير ذلك مما فيه دليل ذلك ؛ إذ لا تجوز المحنة بالذي لا يحتمل الوسع الوصول إليه ، ولا في جملة ما به امتحن إيضاح ذلك لما يوجب الأمر بفعل ما هو عنه ممنوع ، وذلك بعيد ، بل يكون البيان السمعى على قدر البيان العقلي أن من المعارف ما يكون بالحواس ، ومنها ما بها يوصل إليها : إما بالتعليم ، أو بالاستدلال ، فمثله حق السمعى ، والله أعلم.
من ذلك : قوله ـ تعالى ـ : (لا يُؤاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ) أنه ـ عزوجل ـ ذكر يمينا لا يؤاخذ فيها في موضعين من غير أن ذكر أنها أي يمين هي؟ ولا بأي شيء لا يؤاخذ فيها والحاجة لازمة ؛ إذ ذلك في موضع الامتنان منه ـ جل وعلا ـ في العفو عن أمر كان له المؤاخذة ، وحق على السامع معرفة منّة الله تعالى ؛ ليشكره عليها.
ثم معلوم أن اليمين لو كانت بالطلاق (٤) والعتاق (٥) ، كان صاحب ذلك يؤاخذ بهما ؛
__________________
(١) في أ : وقوله.
(٢) في ب : بما.
(٣) في أ : الذي.
(٤) عرفه الحنفية بأنه : إزالة النكاح الذي هو قيد معنى.
وعرفه الشافعية بأنه : حلّ عقد النكاح بلفظ الطلاق ونحوه. أو هو : تصرف مملوك للزوج يحدثه بلا سبب ؛ فيقطع النكاح.
وعرفه المالكية بأنه : إزالة القيد ، وإرسال العصمة ؛ لأن الزوجة تزول عن الزوج.
وعرفه الحنابلة بأنه : حل قيد النكاح أو بعضه.
ينظر : الاختيار لتعليل المختار (ص ٦٢) ، التبيين (٢ / ١٨٨) ، الدرر (١ / ٣٥٨) ، البدائع (٤ / ١٧٦٥) ، مغني المحتاج (٣ / ٢٧٩) ، والخرشي على مختصر سيدي خليل (٣ / ١١) ، الكافي ـ