واجبة ، ويقول : من حلف على يمين فليكفر يمينه ، فإذا (١) لم يقل ، ولكن قال فيما كان ثم حنث ؛ ثبت أنها له تجب ، والله أعلم.
ووجه آخر : اتفاق القول : إنه إذا كان مع اليمين برّ فلا كفارة عليه ، وإذا كان معها حنث تجب ، فلو كانت تجب لليمين لكانت هي عند الوفاء أوجب ، فالكفارة فيه تكون أوجب ، فإذا (٢) لم تكن عليه إذا بر ثبت أنها بالحنث وجبت ، والله أعلم.
وأيضا ما أجمع أن من حلف ألا يقرب امرأته بشيء ، لا يلزمه لو حنث به لم يلزم فيه حكم الإيلاء ، فلو كانت الكفارة تجب باليمين ، لكان الحالف به عند الفراغ عن يمينه صار بحيث لا يلزمه من بعد شيء ؛ فيجب أن يسقط حق الإيلاء ، فإذا (٣) بقى عليه حكمه جاء بذلك الكتاب وجرت به السنة ؛ ثبت أن القول بوجوبها قول مهجور ، والله أعلم.
ثم إذا ثبت هذا رجع تأويل الآية إلى وجهين :
أحدهما : قوله : (وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ) بمحافظة ما عقدتم من الأيمان ؛ كقوله : (وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمانَ بَعْدَ تَوْكِيدِها) [النحل : ٩١] ، فإن تركتم ذلك فكفارته كذا.
والثاني : أن يكون على إضمار حيث يؤاخذكم بحنثكم فيما عقدتم ، وذلك غير مدفوع في حق الكفارات ؛ كقوله ـ تعالى ـ : (فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ ...) الآية [البقرة : ١٩٦] ، وقوله ـ تعالى ـ : (فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ) الآية [البقرة : ١٩٦] ، لا على الوجوب للعذر ، ولكن باستعمال الرخصة فيه ؛ إذ لا يكون العذر سبب الإيجاب ، فمثله في الأول لا يكون تعظيم الرب سبب إيجاب الكفارة ؛ فيصير الحنث فيه مضمرا ، والله أعلم.
والإضافة إلى الأيمان على إرادة الحنث فيها ؛ كإضافة كفارة الفطر إلى الصيام ، والدم إلى الحج ، والسجود إلى السهو ، وإن كانت الكفارات ليست لما أضيفت إليه ؛ أيد ذلك ما ذكرت ، والله أعلم.
وتكفير رسول الله صلىاللهعليهوسلم [يمينه (٤)](٥) ؛ لأنه قد عصم عن المعصية ، وفي الوفاء بذلك
__________________
(١) في ب : فإذ.
(٢) في ب : فإذ.
(٣) في ب : فإذ.
(٤) أخرجه البخاري (١٣ / ٣٦٢) كتاب الأيمان والنذور : باب قول الله ـ تعالى ـ : (لا يُؤاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ) [المائدة : ٨٩] (٦٦٢٣) ، ومسلم (٣ / ١٢٦٨) كتاب الأيمان : باب ندب من حلف يمينا فرأي غيرها خيرا منها (٧ ـ ١٦٤٩) عن أبي بردة عن أبي موسى الأشعري قال : أتيت النبي صلىاللهعليهوسلم في رهط من الأشعريين نستحمله ، فقال : «والله لا أحملكم ، وما عندي ما أحملكم عليه ...» الحديث. وفيه : فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ما أنا حملتكم ، ولكن الله حملكم ، إني والله ـ إن شاء الله ـ