والأنصاب : هي الأحجار والأوثان التي كانوا ينصبونها ، ويعبدونها ، ويذبحون لها (١).
وأما الأزلام : فالقداح التي كانوا يستقسمون بها في أمورهم ، ويستعملونها ، ففيه دليل بطلان الحكم بالقرعة ؛ لأن الاستقسام بالقداح هو أن كانوا يجعلون الثمن (٢) على الذي خرج سهمه أخيرا ، ويتصدقون بما اشتروا على الفقراء ، ففيه إيجاب الثمن على الغير ، فيجعلون الأمر إلى من ليس له تمييز ، فعوتبوا على ذلك ، فعلى ذلك الحكم بالقرعة تسليم إلى من ليس له تمييز بين المحق وغير المحق ، فيلحق هذا ما لحق أولئك.
ثم أخبر أن ذلك كله (رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ) ، وليس هو في الحقيقة عمل الشيطان ؛ لأن الشيطان لا يفعل هذا حقيقة ، لكن نسب ذلك إليه ؛ لما يدعوهم إلى ذلك ، ويزين لهم ، وكذلك قول (٣) موسى ـ عليهالسلام ـ : (هذا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ) [القصص : ١٥] إنه كذا ، وكذلك قوله ـ تعالى ـ : (فَأَخْرَجَهُما مِمَّا كانا فِيهِ) [البقرة : ٣٦] وهو ـ لعنه الله ـ لم يتول إخراجهما ، ولكن كان سبب الإخراج والإزلال ، وهو الدعاء إلى ذلك ، والمراءاة لهم ، فنسب ذلك إليه ، والله أعلم.
قوله تعالى : (إِنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ)
وقوله ـ عزوجل ـ : (إِنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ) هم في الظاهر لم يجتمعوا على العداوة والبغضاء ، بل يكون اجتماعهم على الألفة
__________________
ـ الخيل : باب السبق ، حديث (٣٥٨٥) ، وأحمد (٢ / ٤٧٤) ، والشافعي (٢ / ١٢٨) كتاب الجهاد ، حديث (٤٢٢) ، وابن حبان (١٦٣٨ ـ موارد) ، والطبراني في «الصغير» (١ / ٢٥) ، والبيهقي (١٠ / ١٦) كتاب السبق والرمى : باب لا سبق إلا في خف أو حافر أو نصل ، والبغوي في «شرح السنة» (٥ / ٥٣٥) من طريق ابن أبي ذئب عن نافع عن أبي هريرة ، به. وقال الترمذي : حديث حسن ، وأقره البغوي ، وصححه ابن حبان. وأخرجه الشافعي (٢ / ١٢٩) كتاب الجهاد ، حديث (٤٢٣) ، والبيهقي (١٠ / ١٦) كتاب السبق والرمي : باب لا سبق إلا في خف أو حافر أو نصل ، من طريق ابن أبي فديك عن ابن أبي ذئب عن عباد بن أبي صالح ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، به ، بلفظ : «لا سبق إلا في حافر أو خف».
وأخرجه النسائي (٦ / ٢٢٧) كتاب الخيل : باب السبق ، وابن ماجه (٢ / ٩٦٠) كتاب الجهاد : باب السبق والرهان ، حديث (٢٨٧٨) ، وأحمد (٢ / ٢٥٦ ، ٣٨٥ ، ٤٢٥) ، والبيهقي (١٠ / ١٦) كتاب السبق والرمى : باب لا سبق إلا في خف أو حافر أو نصل ، من طريق محمد بن عمرو عن أبي الحكم مولى الليثيين عن أبي هريرة. وأخرجه أحمد (٢ / ٣٥٨) من طريق أبي صالح عن أبي هريرة.
(١) في الأصول : بها.
(٢) في أ : الثمرة.
(٣) في أ : قال.