رضي الله عنه ـ فقرئت عليه ، فلما بلغ : (فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) قال : انتهينا ، انتهينا (١).
وعن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال : كنت ساقي القوم ، ونبيذنا تمر وزبيب وبسر خلطناه جميعا ، فبينا (٢) نحن كذلك ـ والقوم يشربون ـ إذ دخل علينا رجل من المسلمين ، فقال : ما تصنعون؟ والله لقد أنزل تحريم الخمر ، فأهرقنا الباطية (٣) ، وكفأناها ، ثم خرجنا ، فوجدنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم قائما على المنبر يقرأ هذه الآية ويكررها : (إِنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ ...) إلى قوله : (فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ)(٤) فالخليطان حرام.
فأجمع أهل العلم على أن الخمر حرام قليلها وكثيرها ، وأن عصير العنب إذا غلا واشتد فصار مسكرا ـ خمر.
واختلفوا فيما سوى ذلك من الأشربة : فكان أبو حنيفة وأبو يوسف ـ رحمهماالله ـ يقولان : ما كان من الأشربة نيئا متخذا من النخلة والعنب فهو حرام : كنبيذ البسر والتمر والزبيب ، إذا أسكر كثيره فهو حرام عندهما ؛ وعلى ذلك جاء الخبر عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم [أنه](٥) قال : «الخمر من هاتين الشّجرتين : من النّخلة والعنب» (٦) ومعنى التخصيص لهما : لأن شرابهم كان منهما ، ولا يتخذ منهما إلا المسكر خاصة. وأما ما اتخذ من غير
__________________
(١) أخرجه أحمد (١ / ٥٣) ، وأبو داود (٢ / ٣٤٩ ـ ٣٥٠) كتاب الأشربة : باب في تحريم الخمر ، حديث (٣٦٧٠) ، والترمذي (٥ / ١٤٠ ـ ١٤١) كتاب التفسير : باب سورة المائدة ، حديث (٣٠٤٩) ، والنسائي (٨ / ٨٦) ، والحاكم (٤ / ١٤٣) ، والبيهقي (٨ / ٢٨٥).
(٢) في ب : فبينما.
(٣) الباطية : إناء عظيم من الزجاج وغيره يتخذ للشراب. المعجم الوسيط (بطيء) (١ / ٦٢).
(٤) أخرجه مسلم (٣ / ١٥٧٠) كتاب الأشربة : باب تحريم الخمر ، حديث (٣ / ١٩٨٠) إلى (٩ / ١٩٨٠) من حديث أنس بنحو هذا.
(٥) سقط من ب.
(٦) أخرجه مسلم (٣ / ١٥٧٣) كتاب الأشربة : باب بيان أن جميع ما ينتبذ ما يتخذ من النخل والعنب يسمى خمرا ، حديث (١٣ ، ١٤ / ١٩٨٥) ، وأبو داود الطيالسي ص (٣٣٥) حديث (٢٥٦٩) ، وأحمد (٢ / ٢٧٩ ، ٤٠٨ ، ٤٠٩) ، والدارمي (٢ / ١١٣) كتاب الأشربة : باب مم يكون الخمر ، وأبو داود (٤ / ٨٤ ـ ٨٥) كتاب الأشربة : باب الخمر مم هي ، حديث (٣٦٧٨) ، والترمذي (٤ / ٢٩٧ ـ ٢٩٨) كتاب الأشربة : باب ما جاء في الحبوب التي يتخذ منها الخمر ، حديث (١٨٧٥) ، والنسائي (٨ / ٢٩٤) كتاب الأشربة : باب تأويل قول الله تعالى : (وَمِنْ ثَمَراتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً ....)[النحل : ٦٧] ، وابن ماجه (٢ / ١١٢١) كتاب الأشربة : باب ما يكون منه الخمر ، حديث (٣٣٧٨) ، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (٤ / ٢١١) كتاب الأشربة : باب الخمر المحرمة ما هي؟ ، والبيهقي (٨ / ٢٨٩ ـ ٢٩٠) كتاب الأشربة : باب ما جاء في تفسير الخمر الذي نزل تحريمها ، وعبد الرزاق (٩ / ٢٣٤) رقم (١٧٠٥٣) ، وأبو يعلى (١٠ / ٣٩٨) رقم (٦٠٠٢) ، والبغوي في «شرح السنة» (٦ / ١٦) من حديث أبي هريرة.
وقال الترمذي : حسن صحيح.