وقيل : نزلت في قوم سألوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن أشياء : قال أحدهم : من أبي؟ وقال آخر : أين أنا؟ قال : «أنت في النّار ، وأنت ابن فلان» (١) ونحو ذلك من الأسئلة ؛ فنهوا عن ذلك.
وقيل : ذكر رسول الله صلىاللهعليهوسلم الحج ، فقال رجل : أفي كل عام يا رسول الله؟ [فقال:](٢) «لو قلت : نعم ، صار مفروضا ، فإذا صار مفروضا تركتم ، وإذا تركتم جحدتم ، وإذا جحدتم كفرتم ؛ لأنّ من جحد فرضا ممّا فرضه الله كفر» (٣) أو كلام نحو هذا ، ولا يجب أن يفسر هذا أنه كان في كذا ؛ إذ ليس في كتاب الله بيان سوى أن فيه النهي عن سؤال ما لا يحتاج إليه.
وعن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ قال : (لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ) قد عفا الله عنها (إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ) ، أي : تظهر لكم تسؤكم (٤) ، أي : أمرتم العمل بها ، والله أعلم بذلك.
وقوله ـ عزوجل ـ : (قَدْ سَأَلَها قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُوا بِها كافِرِينَ).
هذا يدل على أن النهي عن السؤال في الآى (٥) لأحد شيئين :
إما أن سألوا الآيات عنه بعد ما ظهرت وثبتت لهم رسالته ، فلما أتى بها كفروا بها ؛ ألا ترى أنه قال : (قَدْ سَأَلَها قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُوا بِها كافِرِينَ) ، وقد كان الأمم السالفة يسألون من الرسل ـ عليهمالسلام ـ الآيات بعد ظهورها عندهم.
__________________
(١) لم أجده بهذا اللفظ. ولكن أخرجه البخاري في صحيحه (٩ / ١٦٣) كتاب التفسير : باب قوله : (لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ) (٤٦٢٢) ، ومسلم في صحيحه (٤ / ١٨٣٢) كتاب الفضائل : باب توقيره صلىاللهعليهوسلم (٢٣٥٩) ، وابن جرير (٥ / ٨١) (١٢٧٩٨) عن ابن عباس بلفظ : «قال ابن عباس لأعرابي من بني سليم : هل تدري فيما أنزلت هذه الآية : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ ....) حتى فرغ من الآية ، فقال : كان قوم يسألون رسول الله استهزاء ، فيقول الرجل : من أبي؟ والرجل تضل ناقته فيقول : أين ناقتي؟ فأنزل الله فيهم هذه الآية. والسياق لابن جرير. وفي الباب عن أنس بن مالك مرفوعا ، وطاوس وقتادة والسدي مرسلا ، وذكره السيوطي في الدر (٢ / ٥٩١ ـ ٥٩٢) ، وزاد نسبته لابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن ابن عباس ، ولعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن أنس ، ولعبد الرزاق عن طاوس ، ولابن أبي حاتم عن السدي.
(٢) سقط من ب.
(٣) لم أجده بهذا اللفظ. ولكن أخرجه مسلم في صحيحه بلفظ آخر (٢ / ٩٧٥) في كتاب الحج : باب فرض الحج مرة في العمر (٤١٢ / ١٣٣٧) ، والنسائي في الكبرى (٢ / ٣١٩) في كتاب الحج : باب وجوب الحج (٣٥٩٨ / ١) ، وابن جرير في تفسيره (٥ / ٨٣) (١٢٨٠٨ ـ ١٢٨١٠) عن أبي هريرة ، وفي الباب عن أبي أمامة الباهلي ، وابن عباس وأنس بن مالك ، وعلي بن أبي طالب.
(٤) أخرجه بمعناه ابن جرير (٥ / ٨٤) (١٢٨١٢) ، وذكره السيوطي في الدر (٢ / ٥٩٣) ، وزاد نسبته لابن أبي حاتم وابن مردويه.
(٥) في ب : الآل.