اشتريتما (١) به ثمنا قليلا ، ولا كتما شهادة الله ، إنا إذن لمن الآثمين. ثم قال أبو موسى [الأشعري](٢) : والله ، إن هذه لقصة ما قضى بها منذ مات رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى اليوم (٣).
قد بين الشعبي أن أبا موسى إنما استحلفهما فيما اتهما به من تركة الميت ، وهذه يمين واجبة عند المسلمين جميعا ، ولم يحلفهما على أن ما شهدا به كما شهدا به ؛ كما زعم قوم أن شهادتهما تصح بيمينهما.
وعن عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ قال : خرج رجل من المسلمين ، فمر بقرية ومعه رجلان من المسلمين ، فدفع إليهما ماله ، ثم قال : ادعوا إلى من أشهد على ما قبضتما. فلم يجدا أحدا من المسلمين في تلك القرية ، فدعوا ناسا من اليهود والنصارى ، وأشهدهم على ما دفع إليهما ، ثم إن المسلمين قدما إلى أهله ، فدفعا ماله إلى أهله ، فقال الورثة : لقد كان معه من المال أكثر مما أتيتما به. فاستحلفوهما بالله ما دفع إليهما غير هذا. ثم قدم ناس من اليهود والنصارى ، فسألهم أهل الميت ، فأخبروهم أنه هلك بقريتهم ، وترك كذا وكذا من المال ؛ فعلم (٤) أهل المتوفى أن قد عثروا على أن المسلمين قد استحقا إثما ، فانطلقوا (٥) إلى ابن مسعود ، فأخبروه بالذي كان من أمرهم ، فقال ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ : ما من كتاب الله من شيء إلا قد جاء على الدلالة إلا هذه الآية ، فالآن جاء تأويلها (٦) فأمر المسلمين أن يحلفا بالله (لا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى وَلا نَكْتُمُ شَهادَةَ اللهِ إِنَّا إِذاً لَمِنَ الْآثِمِينَ). ثم أمر اليهود والنصارى أن يحلفوا بالله لقد ترك من المال كذا وكذا ، ولشهادتنا أحق من شهادة هذين المسلمين ، وما اعتدينا إنا إذا لمن الظالمين ثم أمر أهل الميت أن يحلفوا بالله : أن كان ما شهدت به اليهود والنصارى [حق ،
__________________
ـ قال صفوان بن سليم : لم يفت في زمن النبي صلىاللهعليهوسلم غير : عمر ، وعلى ، ومعاذ ، وأبي موسى. توفي بالكوفة سنة ٤٤ ه. ينظر : الإصابة (٤ / ١١٩) ت ٤٤٨٩ ، الاستيعاب (٢ / ٣٩٢) ت ١٦٢٢ ، حلية الأولياء (١ / ٢٥٦) ، الطبقات الكبرى لابن سعد (٤ / ١٠٥) ، غاية النهاية (١ / ٤٤٢) ، طبقات الفقهاء للشيرازي (ص ١٢) ، تذكرة الحفاظ (١ / ٢٠) ، تاريخ الخميس (٢ / ١٥٩).
(١) في ب : اشتريتهما.
(٢) سقط من ب.
(٣) أخرجه الطبري (٥ / ١٠٦) رقم (١٢٩٣٠) ، والحاكم في المستدرك (٢ / ٣١٤) كتاب التفسير ، وقال : صحيح على شرط الشيخين ، ولم يخرجاه ، وذكره السيوطي في الدر المنثور (٢ / ٦٠٤) ، وعزاه لعبد الرزاق ، وأبي عبيد ، وعبد بن حميد ، وابن المنذر ، والطبراني.
(٤) في ب : فعلى.
(٥) في ب : فانطلقا.
(٦) في ب : حين جاء بتأويلها.