فَيَقُولُ ما ذا أُجِبْتُمْ قالُوا لا عِلْمَ لَنا) [المائدة : ١٠٩] أي : يقولون ، وذلك جائز «قال» بمعنى : «يقول» ، وذلك في القرآن كثير.
واتخاذهم عيسى وأمه إلهين قول متناقض ؛ لأنهم سمّوها : أم عيسى ؛ فإذا ثبتت لها الأمومة بطل أن تكون إلها ؛ وكذلك عيسى : إذا ظهر أنه كان ابنا لها ، بطل أن يكون إلها ؛ لأنه لا يكون ابن غيره إلها ، لكنهم قوم سفهاء ، يقولون ذلك عن سفه.
(قالَ سُبْحانَكَ ما يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ ما لَيْسَ لِي بِحَقٍ)
أي : لا ينبغي (١) لي أن أقول ما ليس ذلك بحق.
(إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ).
يتكلم في النفس على وجهين :
أحدهما : يراد ما يضمر.
والثاني : على إرادة الذات ؛ فإن كان الله يتعالى عن أن يوصف بالذات كما يوصف الخلق ؛ دل أنه إنما يراد بذلك غيره ، وهو أن يقال : تعلم ما عندي ولا أعلم ما عندك ، أو يقول : تعلم ما كان مني ولا أطلع على غيبك.
(إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ).
أي : إنك أنت علام ما غاب عن الخلق.
قوله تعالى : (ما قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا ما أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً ما دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ).
وقوله ـ عزوجل ـ : (ما قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا ما أَمَرْتَنِي بِهِ).
أي : ما دعوتهم إلا إلى ما أمرتني أن أدعوهم إليه من التوحيد والعبادة لك.
وقوله : (وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً).
أي : شاهدا عليهم. هذا يدل على أن ذلك القول كان منه وقت رفعه إلى السماء ، أو يكون يوم القيامة.
ويقال : (وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً ما دُمْتُ فِيهِمْ) ، أي : كنت عليهم حفيظا ما كنت بين أظهرهم.
(فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ).
أي : الحفيظ عليهم.
__________________
(١) في أ : لأنه لا ينبغي.