(وَأَنْتَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ).
بما أمرتهم من التوحيد والعبادة لك ، وشاهدا عليهم بما قالوا من البهتان.
وذكر في بعض القصة : لما قال الله ـ تعالى ـ لعيسى : (أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللهِ) ـ قيل : فأرعدت (١) مفاصله (٢) ، وخشى أن يكون قالها ؛ فقال : (سُبْحانَكَ ما يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ ما لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ ...) الآية.
وذكر ـ أيضا ـ متكلمان يتكلمان يوم القيام : نبي الله عيسى ابن مريم ـ عليهالسلام ـ وعدو الله إبليس ـ لعنه الله ـ :
فأما كلام عيسى ـ عليهالسلام ـ يقول الله : (أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللهِ) ؛ فقال عيسى ابن مريم ـ عليهالسلام ـ : (قالَ سُبْحانَكَ ما يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ ما لَيْسَ لِي بِحَقٍّ ...) إلى قوله : (فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).
وأما كلام اللعين : فيقول : (وَما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ ...) الآية [إبراهيم : ٢٢].
وقوله ـ عزوجل ـ : (إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).
اختلف فيه :
عن الحسن قال : يقول ذلك في الآخرة : (إِنْ تُعَذِّبْهُمْ) إن تعذب من مات على ما كان منه من القول الوخش (٣) في الله ، (وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ) ، أي : وإن تغفر لمن أكرمت له بالإسلام والهدى (فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) ؛ لأن منهم من قد آمن بعد هذا القول الوخش في الله.
وقال آخرون : هذا القول كان من عيسى في الدنيا : (إِنْ تُعَذِّبْهُمْ) ، يقول : إن تعذب من مات على الكفر الذي كان منهم (فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ) من أكرمت له الهدى (فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) أي : أنت العزيز وهم عبادك أذلاء.
وفي حرف ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ : فإنك أنت الغفور الرحيم [و](٤) هو ظاهر ؛ لأنه ذكر أنه غفور على إثر المغفرة.
وروي في الخبر أن نبي الله ـ عليهالسلام ـ كان أحيا ليله بقوله : (إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) به قام ، وبه سجد ، وبه قعد ، فهو ـ والله أعلم ـ على
__________________
(١) في أ : فارتعدت.
(٢) أخرجه ابن جرير (٥ / ١٣٧) (١٣٠٣٣) (١٣٠٣٩) عن ميسرة ، ذكره السيوطي في الدر (٢ / ٦١٥) ، وزاد نسبته لابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ.
(٣) في أ : الفاحش.
(٤) سقط من ب.