يعضلوهن ؛ ليذهبوا ما آتوهن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة ؛ قيل : لم يكن يومئذ عقوبة ؛ إذا أتت المرأة بفاحشة سوى أخذ المهور منها ، وكانوا يمسكونها على الوراثة ، فإذا أتت بفاحشة [أخذ](١) ما آتاها ، ثم يسرحها.
فإن قيل : إنما نهاها عن الوراثة ؛ لأن الولي إذا ورثها ورثت هي نفسها ؛ فيبطل بذلك ، فالنهي لذلك.
قيل : لو كان لذلك فالمرأة إذا كانت ممن لا ترث عن الزوج مملوكة يجىء أن يحل ذلك ؛ إذ لا وراثة ثمّ ، فإذا لم يجز دل أنها خرجت على بيان التحريم ، والله أعلم.
وقيل : في قوله ـ عزوجل ـ : (وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ ما آتَيْتُمُوهُنَ) على الابتداء ، ليست على الأول ، نهي الزوج أن يأخذ منها ما آتاها من المهر إلا أن يأتين بفاحشة مبينة (٢).
ثم اختلف في قوله ـ تعالى ـ : الفاحشة.
[قال بعضهم : هو الزنا (٣) ، وهو ما ذكرنا.
وقال آخرون : الفاحشة](٤) ـ هاهنا ـ هو النشوز (٥) ، أي : إذا نشزت فلا بأس أن يأخذ منها ما آتاها.
وقيل : هو ما ذكره ـ عزوجل ـ في آية أخرى : (وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً) [البقرة : ٢٢٩] لا تأخذوا منه شيئا : (إِلَّا أَنْ يَخافا أَلَّا يُقِيما حُدُودَ اللهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيما حُدُودَ اللهِ فَلا جُناحَ عَلَيْهِما فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ) [البقرة : ٢٢٩] نهى الأزواج أن يأخذوا منهن شيئا إلا عند ما يخافا ألا يقيما حدود الله ، فحينئذ أباح أخذ ما افتدت به ، فعلى ذلك قوله : (وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ ما آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ) ، وهو ما ذكرنا من النشوز وخوف ترك إقامة حدود الله ؛ فعند ذلك أباح له أخذ ما آتاها ، والله أعلم.
وقوله : (وَعاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) اختلف فيه :
قيل : هو كقوله ـ تعالى ـ : (فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ) [البقرة : ٢٣١]
__________________
(١) سقط من ب.
(٢) أخرجه ابن جرير بمعناه (٨ / ١١٥) (٨٨٩٤) عن عطاء الخراساني ، و (٨٨٩٥) (٨٨٩٦) عن أبي قلابة. وذكره السيوطي في الدر (٢ / ٢٣٦) وزاد نسبته لعبد الرزاق وابن المنذر.
(٣) أخرجه ابن جرير (٨ / ١١٦) (٨٨٩٧) عن السدي ، (٨٨٩٨) عن الحسن البصري ، وذكره السيوطي في الدر (٢ / ٢٣٦).
(٤) ما بين المعقوفين سقط من ب.
(٥) رواه ابن جرير (٨ / ١١٦ ـ ١١٧ (٨٨٩٩) عن ابن عباس ، و (٨٩٠١) و (٨٩٠٤) عن الضحاك بن مزاحم ، (٨٩٠٢) عن عطاء بن أبي رباح وذكره السيوطي في الدر (٢ / ٢٣٥).