قضائك وقضاء أمير المؤمنين (١). مع ما يحتمل قوله : لا تحرم المصة والمصتان ، ولا الإملاجة ولا الإملاجتان ؛ لما لم يتحقق بالمصة والمصتين أن اللبن قد صار في جوف الصبي ووصل إليه ؛ فلذلك لم يحرم به.
وأما المسألة في الحد : أن الرضاع في الكبر لا يحرم عندنا ، [و](٢) ما روي في خبر عائشة ـ رضي الله عنها ـ أنه صلىاللهعليهوسلم دخل عليها ، فرأى عندها رجلا ، فتغير وجه رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : «من هذا؟» قالت : إنه عمي من الرضاعة ، فقال : «انظري ما الرّضاعة؟ إنّما الرّضاعة من المجاعة» (٣). وما روي عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «الرّضاع ما أنبت اللّحم ، وأنشز العظم» (٤) ، وما روي عنه صلىاللهعليهوسلم قال : «الرّضاع ما فتّق الأمعاء» (٥) وفتق الأمعاء ، إنما يكون في الصغر ؛ لأن أمعاء الصبي تكون ضيقة لا تحتمل الطعام لضيقها ، وأما فتقها باللبن على ما وصفه ـ عزوجل ـ لبنا خالصا سائغا للشاربين ، فإذا كان غذاؤه إنما يكون باللبن ـ للمعنى الذي وصفنا ـ كانت كفاية مجاعته به ، وكان هذا معنى قوله صلىاللهعليهوسلم : «إنّما الرّضاعة من المجاعة» (٦) وكذلك ما روي : «الرّضاع ما أنبت اللّحم وأنشز العظم» (٧) وفي الكبر لا ينبت اللحم ، ولا ينشز العظم.
وروى زاذان (٨) عن علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم
__________________
(١) أخرجه البيهقي في سننه (٧ / ٤٥٨) ، وعبد الرزاق في مصنفه (٧ / ٤٦٨) (١٣٩١٩) ، وذكره السيوطي في الدر (٢ / ٢٤١).
(٢) سقط في ب.
(٣) أخرجه البخاري (١٠ / ١٨٢) كتاب النكاح : باب من قال : لا رضاع بعد حولين برقم (٥١٠٢) ، ومسلم (٢ / ١٠٧٨ ـ ١٠٧٩) في كتاب الرضاع. باب : إنما الرضاعة من المجاعة (١٤٥٥) ، وأحمد في المسند (٦ / ٩٤ ، ١٧٤ ، ٢١٤).
وابن ماجه في سننه (٣ / ٣٧٤) كتاب النكاح : باب «لا رضاع بعد فصال» برقم (١٩٤٥).
(٤) أخرجه أبو داود (٢ / ٢٢٢) كتاب النكاح : باب في رضاعة الكبير رقم (٢٠٦٠) ، والبيهقي في السنن الكبرى (٧ / ٤٦١) من حديث ابن مسعود.
(٥) أخرجه الترمذي (٣ / ٤٥٨) كتاب الرضاع : باب ما جاء أن الرضاعة لا تحرم إلا في الصغر دون الحولين ، رقم (١١٥٢) ، وابن حبان في صحيحه (٤٢٢٤) ، من حديث أم سلمة.
ورواه البيهقي (٧ / ٤٥٦) عن أبي هريرة مرفوعا وموقوفا. ووقفه عبد الرزاق في المصنف (٧ / ٤٦٦) رقم (١٣٩١٠) على أبي هريرة.
(٦) تقدم تخريجه.
(٧) تقدم تخريجه.
(٨) زاذان ، أبو عبد الله ، ويقال : أبو عمر الكندي الكوفي الضرير البزاز ، روى عن على والبراء وسلمان وغيرهم ، وروى عنه ذكوان السمان ، وشريك البرجمى ، وعطاء بن السائب وغيرهم ، قال يحيى بن معين : ثقة. مات سنة ٨٢ ه.
تنظر ترجمته في : تهذيب الكمال للمزي (٣ / ٥) رقم (١٩٣٠) ، تقريب التهذيب : ترجمة (١٩٨٨) ، والخلاصة (٣ / ٢٨٣).