وجائز أن يكون قوله : (فَنَتَّبِعَ آياتِكَ) يعنون بالآيات : الرسل أنفسهم ، والله أعلم.
وقوله : (فَلَمَّا جاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنا) : جائز أن يكون الحق الذي ذكر الرسول نفسه ، ويحتمل الحق الكتاب الذي أنزل عليه وآيات (١).
وقوله : (قالُوا لَوْ لا أُوتِيَ مِثْلَ ما أُوتِيَ مُوسى) : هذا يحتمل وجوها :
أحدها : قالوا : هلا أوتي محمد من أنواع النعم من المن والسلوى وغيره من غير تكلف ولا تعب ؛ مثل ما أوتي موسى لو كان رسولا على ما يقول.
أو أن يقولوا : لو لا أوتي من الآيات الحسيات الظاهرات من نحو اليد والعصا والحجر الذي كان ينفجر منه والغمام ، وما ذكر من الضفادع والقمل والدم والطوفان وغير ذلك مثل ما أوتي موسى.
أو أن يقولوا : لو لا أوتي محمد القرآن جملة عيانا جهارا ؛ كما أوتي موسى التوراة جملة عيانا جهارا ، والله أعلم بذلك ما عنوا به.
ثم بين الله تعالى وأخبر أنهم إنما يسألون ما سألوه سؤال عناد ومكابرة لا سؤال استرشاد وطلب الحق حيث قال : (أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِما أُوتِيَ مُوسى مِنْ قَبْلُ) أي : لم يكفر هؤلاء الذين سألوك الآيات بما أوتي موسى ـ يعني : أهل مكة ـ لأنهم كانوا مشركين لم يؤمنوا برسول قط من قبل.
ويحتمل قوله : (أَوَلَمْ يَكْفُرُوا) أي : أولم يكفر قوم موسى بعد سؤالهم الآيات إذ أتاهم بها ؛ فعلى ذلك هؤلاء يكفرون بما أوتيت. والأول أشبه.
ثم قالوا : (سِحْرانِ تَظاهَرا) ، وقد قرئ : (سِحْرانِ) بالألف (٢).
وقال بعضهم (٣) ساحران : موسى وهارون.
وقال بعضهم (٤) : موسى ومحمد.
وقال بعضهم (٥) : عيسى ومحمد.
__________________
(١) ثبت في حاشية أ : ويحتمل المعجزات القائمة على إثبات رسالته. شرح
(٢) ينظر : اللباب (١٥ / ٢٦٨).
(٣) قاله مجاهد أخرجه ابن جرير عنه (٢٧٤٧٩) و (٢٧٤٨٠) ، وعن سعيد بن جبير (٢٧٤٨١) وانظر : الدر المنثور (٥ / ٢٤٨).
(٤) قاله ابن عباس ، أخرجه ابن جرير (٢٧٤٧٥ ـ ٢٧٤٧٨) ، وعبد بن حميد والبخاري في تاريخه وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عنه ، كما في الدر المنثور (٥ / ٢٤٨).
(٥) قاله الحسن ، أخرجه ابن جرير عنه (٢٧٤٨٢) ، وعن قتادة أخرجه عبد بن حميد وابن أبي حاتم ، كما في الدر المنثور (٥ / ٢٤٨).