وقوله : (وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَ).
بالرجوع إلى المدينة ، كقوله : (إِنَّما يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَارْتابَتْ قُلُوبُهُمْ) [التوبة : ٤٥].
وقوله : (يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنا عَوْرَةٌ).
قال بعض أهل التأويل : (١) (بُيُوتَنا عَوْرَةٌ) : خالية من الناس ، ليس فيها أحد ، فنخاف السرق عليها والأخذ والمكابرة.
ويحتمل أن يكونوا أرادوا بالعورة دخول العدوّ عليها إذا كانوا هم في الجند ، العورة ، أي : يدخل علينا مكروه ما يحزننا ويهمّنا ، أو كلام نحو هذا ، فأكذبهم الله في قولهم ، وقال : (وَما هِيَ بِعَوْرَةٍ) ، بل الله يحفظها على ما وعد ، حتى لا يدخل عليهم مكروه لما يخافون ولا يصيبهم.
وقوله : (إِنْ يُرِيدُونَ) ، أي : ما يريدون (إِلَّا فِراراً) من القتال.
وقوله : (وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطارِها ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآتَوْها).
هذا يحتمل وجهين :
أحدهما ، أي : لو دخلوا عليهم من أطراف المدينة ونواحيها ، ثم دعوا إلى الشرك لأجابوهم ، (وَما تَلَبَّثُوا بِها إِلَّا يَسِيراً) ، أي : لم يمتنعوا عن إجابتهم ، بل لأجابوهم به كما دعوا.
وقال بعضهم : إنهم لو كانوا في بيوتهم ، فدخلوا عليهم من نواحيها ، ثم سئلوا الأموال وما تحويه أيديهم (لَآتَوْها) ، أي : لأعطوها.
(وَما تَلَبَّثُوا بِها إِلَّا يَسِيراً).
يخبر عن نفاقهم وخلافهم له في السرّ أنهم يعطون لأولئك ما يريدون من الأموال أو الدين ، ويوافقونهم ولا يوافقونكم البتة ، والله أعلم.
وقوله : (وَلَقَدْ كانُوا عاهَدُوا اللهَ مِنْ قَبْلُ لا يُوَلُّونَ الْأَدْبارَ).
قال بعضهم (٢) : كان أناس غابوا وقعة بدر وما أعطى الله أصحاب بدر من الفضيلة والكرامة ؛ فقالوا : لئن شهدنا قتالا لنقاتلن ؛ فساق الله ذلك إليهم حتى كان في ناحية المدينة.
__________________
(١) قاله ابن عباس أخرجه ابن جرير (٢٨٣٨١) ، وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عنه ، كما في الدر المنثور (٥ / ٣٥٩).
(٢) قاله قتادة ، أخرجه ابن جرير (٢٨٣٨٨).