ابْنُ اللهِ) [التوبة : ٣٠] ، وإنه (ثالِثُ ثَلاثَةٍ) [المائدة : ٧٣] ؛ وفي مشركي العرب ، حين قالوا : الملائكة بنات الله ، والأصنام آلهة ، ونحو ذلك ، وأذاهم رسول الله حين شجّوه وكسروا رباعيته ، وقالوا : إنه مجنون ، أو ساحر ، وأمثال ذلك ؛ فأنزل الله : (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ) ، يقول : عذبهم الله (فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ) :
فأما تعذيبه إياهم في الدنيا : قتلهم بالسيف يوم بدر ـ يعني : مشركي العرب ـ وأهل الكتاب : بالجزية إلى يوم القيامة.
وفي الآخرة : النار.
وقال بعضهم قريبا من ذلك (١) : (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ) هم أصحاب التصاوير والتماثيل ؛ فلهم ما ذكر.
وقوله : (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا).
أي : يقعون فيهم.
وقال بعضهم : (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ) هم الذين قذفوا عائشة بصفوان ؛ آذوا رسول الله في زوجته عائشة حين قذفوها ، وهي بريئة مما قذفوا.
وقوله : (الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ) : صفوان وعائشة.
وقال بعضهم (٢) : نزلت في علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ فعلى هذا : عذابهم في الدنيا الجلد ، وفي الآخرة : النار.
وجائز أن يكون هذا الوعيد في قاذف كل مؤمن ومؤمنة بغير ما اكتسب به ، والله أعلم.
وقوله : (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ) إضافة الأذى إلى الله ؛ على إرادة رسوله خاصة ؛ لأن الله لا يجوز أن يقال : إنه يتأذى بشيء ، أو يؤذيه شيء ؛ لأن الأذى ضرر يلحق ، والله يتعالى عن أن يلحقه ضرر أو نفع ؛ بل هو القاهر الغالب القادر الغني بذاته ، ويكون المراد بإضافة الأذى إليه : رسوله خاصة ، على ما ذكرنا في قوله : (يُخادِعُونَ اللهَ) [البقرة : ٩] ؛ أي : يخادعون رسوله ، أو يخادعون أولياءه ؛ لأن الله ـ تعالى ـ لا يخادع ، وكقوله : (إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ) [محمد : ٧] ، أي : إن تنصروا دين الله ينصركم ، أو إن تنصروا رسوله وأولياءه ينصركم ، وأمثال ذلك كثير في القرآن ؛ نسب ذلك إلى نفسه على إرادة أوليائه ، فعلى ذلك هذا ، والله أعلم ، وبالله العصمة والتوفيق.
إلا أن يريد بالأذى ـ أعني : ما ذكر من أذى الله ـ : المعصية ؛ فهو جائز ، وكذلك ما
__________________
(١) قاله عكرمة ، أخرجه ابن جرير (٢٨٦٣٩) ، وابن أبي حاتم عنه ، كما في الدر المنثور (٥ / ٤١٣).
(٢) قاله مقاتل ، كما في تفسير البغوي (٣ / ٥٤٣).