وإلا ليس كل من تاب يكون على توبته أبدا.
وقوله : (وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ) : قد ذكرناه ، (وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً) : قد ذكرناه أيضا.
وقال بعضهم : إذا أوذوا صفحوا.
وقال بعضهم : إنهم كانوا إذا أتوا على ذكر النكاح أو غيره كنوا عنه.
وقال أبو عوسجة والقتبي (١) : (يَلْقَ أَثاماً) أي : عقوبة ، الآثام : العقوبة.
وقوله : (مَرُّوا كِراماً) أي : لم يخوضوا فيه ، وأكرموا أنفسهم عنهم.
(صُمًّا وَعُمْياناً) أي : لم يتغافلوا عنها.
وقال بعضهم : إنهم إذا وعظوا بالقرآن لم يخروا عليها صما وعميانا عند تلاوة القرآن ، فلا يسمعون ولا يبصرون ، ولكن يخرون عليها سمعا وبصرا ؛ وهو واحد.
وقوله : (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وَذُرِّيَّاتِنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ) : قد نعتهم ـ عزوجل ـ في معاملتهم أن كيف عاملوا ربهم بالليل والنهار [و] نعتهم أيضا في معاملتهم عباده أن كيف عاملوا عباده ، ثم نعتهم في معاملتهم أهليهم ودعائهم لهم ، فقال : يقولون : (رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وَذُرِّيَّاتِنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ) ، فهو ـ والله أعلم ـ لما أمرهم أن يقوا أنفسهم وأهليهم النار بقوله : (قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ناراً ...) الآية [التحريم : ٦] ؛ فعند ذلك دعوا ربهم ، وسألوه أن يهب لهم من أزواجهم وقرباتهم ما تقر به أعينهم في الدنيا والآخرة.
وقال بعضهم (٢) : اجعلهم صالحين مطيعين ؛ فإن ذلك يقر أعيننا.
قال الحسن (٣) : والله ما شيء أحبّ إلى العبد المسلم من أن يرى ولده أو حميمه يطيع الله ، وقال : نراهم يعملون بطاعة الله ، فتقر بذلك أعيننا ، والله أعلم.
وقوله : (وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً) : قال بعضهم (٤) : أي : اجعلنا أئمة هدى وتقوى يقتدى بنا.
وقال بعضهم : واجعلنا بحال يقتدي بنا المتقون.
وأصله ـ والله أعلم ـ أنهم سألوا ربهم أن يجعلهم بحال من اقتدى بهم صار متقيا ، لا من اقتدى صار ضالا فاسقا ، هذا ـ والله أعلم ـ تأويله ، وإلا سؤالهم : أن اجعلنا إماما
__________________
(١) ينظر : تفسير غريب القرآن ص (٣١٥).
(٢) قاله ابن عباس أخرجه ابن جرير عنه (٢٦٥٥٣) ، وعن ابن جريج (٢٦٥٥٧) ، و (٢٦٥٥٨) ، وابن زيد (٢٦٥٥٩).
(٣) أخرجه ابن جرير (٢٦٥٥٤) و (٢٦٥٥٥) وانظر : الدر المنثور (٥ / ١٤٩).
(٤) قاله ابن عباس ، أخرجه ابن جرير عنه (٢٦٥٦٢) ، و (٢٦٥٦٣) ، وانظر الدر المنثور (٥ / ١٤٩).