وقال القتبي وأبو عوسجة : (اشْمَأَزَّتْ) : أنكرت وذعرت ، ويقال في الكلام : ما لي أراك مشمئزا؟ أي : مذعورا ، ويقال : اشمأز المكان ، أي : بعد.
وقال بعضهم (١) : (اشْمَأَزَّتْ) : استكبرت وكفرت ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (قُلِ اللهُمَّ فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ).
أمر رسوله صلىاللهعليهوسلم أن يقول لهم ، وهو كلام التوحيد.
وقوله : (فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) يحتمل : مبدئ ، ويحتمل : مبدع ، أو خالق السموات والأرض ، والله أعلم.
وقوله : (عالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ).
يحتمل قوله : (عالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ) ما أشهد الخلق بعضهم على بعض ، هو عالم ذلك كله.
أو الغيب : ما غاب عن الخلق كلهم ، والشهادة ما شهده الخلق.
أو أن يكون قوله : (عالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ) ، أي : عالم ما يكون أنه يكون ، والشهادة : ما قد كان ، يعلم ذلك كله : يعلم ما يكون أنه يكون ، وما كان يعلمه كائنا ، والله أعلم.
وقوله : (أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبادِكَ فِي ما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ).
يوم القيامة ؛ كقوله : (فَاللهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ ...) الآية [النساء : ١٤١].
أو أن يكون قوله : (أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبادِكَ فِي ما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) : في هذه الدنيا ، فهو يخرج على وجوه :
أحدها : ما جعل الله في خلقتهم إثبات الصانع وشهادة الوحدانية لله ـ عزوجل ـ وألوهيته.
والثاني : بما أنزل الله من الكتب والرسل ، وبين لهم فيها ما لهم وما عليهم.
ثم إن كان في الآخرة فجائز ألا يكون يحكم بيننا فيما وسع علينا الحكم في الأمر في الدنيا ، ويرتفع المحنة به في الآخرة من نحو الأحكام التي سبيل معرفتها بالاجتهاد ، ولا يحكم بيننا بشيء من ذلك ، وأما ما كان غير موسع علينا في الدنيا ترك ذلك ، وهو مما لا يرتفع المحنة به في الدارين جميعا : من نحو التوحيد والدين فذلك يحكم بيننا في الآخرة ، والله أعلم.
وقوله : (وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ مِنْ سُوءِ الْعَذابِ
__________________
(١) قاله قتادة أخرجه ابن جرير (٣٠١٦٦) ، وعبد الرزاق وعبد بن حميد كما في الدر المنثور (٥ / ٦١٨).