والذي نريد أن نركز عليه هنا أن أدلة تسيهر التي ساقها لتقرير هذا كتابات بعض المسلمين قديما وحديثا ، بمعنى أن تسيهر استغل السقطات العملية عند العلماء فاتخذها سلاحا ضد الحق وضد المسلمين مما يؤكد على المسلمين وجوب الحيطة فيما يكتبون.
كما أنه لا دليل لمن قال بأن الصحابة رغبوا في الوقوف على تفصيل ما أجمله القرآن ، إذا الثابت عكس ذلك ، إذ أورد السيوطي وغيره عشرات الآثار الدالة على أن الصحابة اكتفوا بفهم القرآن مجملا ، وتورعوا عن الخوض فيه بغير علم ، منها أن عمر بن الخطاب سأل عن الأبّ في قوله تعالى : (وَفاكِهَةً وَأَبًّا)(١) ثم تراجع عن هذا المطمح وقال : إن هذا هو التكلف يا عمر (٢).
نعم لقد انتشرت الإسرائيليات ولكن ليس في عهد الصحابة ـ الذي نحن بصدده ـ بل في عهد التابعين وأتباعهم. ورويت كلها موقوفة على قائليها.
ثم إن الذين وقعوا في هذا الفهم الخاطئ ـ أعني جعل الإسرائيليات مصدرا رابعا من مصادر التفسير ـ هم أنفسهم يقررون أن ما نسب إلى ابن عباس وعلي ، وغيرهما من الصحابة من الروايات
__________________
(١) سورة عبس (الآية ٣١).
(٢) الإتقان (١ / ١١٣).