وإلى حد خراسان وإلى سجستان وغيرها وإذا كان التمكين والاستخلاف هاهنا ليس هو إلا لهؤلاء الأربعة وأصحابهم علمنا أنهم محقون والجواب على ذلك من وجوه أحدها أن الاستخلاف هاهنا ليس هو الإمارة والخلافة بل المعنى هو إبقاؤهم في أثر من مضى من القرون وجعلهم عوضا منهم وخلفاء كما قال (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ) وقال (عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ) وقال (وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِكُمْ ما يَشاءُ) وكقوله (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ خِلْفَةً) أي جعل كل واحد منهما خلف صاحبه وإذا ثبت ذلك فالاستخلاف والتمكن الذي ذكره الله في الآية كانا في أيام النبي حين قمع الله أعداءه وعلى كلمته ويسر ولايته وأظهر دعوته وأكمل دينه ونعوذ بالله أن نقول لم يمكن الله دينه لنبيه في حياته حتى تلافى ذلك متلاف بعده قلت أنا ومما يؤكد ما ذكره قول الله تعالى ـ (لَقَدْ صَدَقَ اللهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لا تَخافُونَ) فذكر تعالى أمان المؤمنين والصحابة والحاضرين وزوال خوفهم وحصول ما وعدهم به ثم قال جدي الطوسي في تمام كلامه ما هذا لفظه وليس كل التمكين كثرة الفتوح والغلبة على البلدان لأن ذلك يوجب أن دين الله لم يتمكن بعد إلى يومنا هذا لعلمنا ببقاء ممالك الكفر كثيرة لم يفتحها بعد المسلمون ويلزم على ذلك إمامة معاوية وبني أمية لأنهم تمكنوا أكثر من تمكن أبي بكر وعمر وفتحوا بلادا لم يفتحوها ولو سلمنا أن المراد بالاستخلاف الإمامة للزم أن يكون منصوصا عليهم وليس ذلك بمذهب أكثر مخالفينا وإن استدلوا بذلك على صحة إمامتهم احتاجوا أن يدلوا على ثبوت إمامتهم بغير الآية وأنهم خلفاء الرسول حتى يتناولهم الآية فإن قالوا إجماع المفسرين على ذلك فإن مجاهد قال هم أمة محمد (ص) وعن ابن عباس وغيره قريب من ذلك وقال أهل البيت (ع) إن المراد بذلك المهدي لأنه يظهر بعد الخوف ويتمكن بعد أن كان مغلوبا وليس في ذلك إجماع المفسرين وقد استوفينا