وحاصله : ان معنى الانحلال تبدل القضية المنفصلة المانعة الخلو إلى قضية متيقنة ، وقضية مشكوك فيها ، وهذا مفقود في المقام ، فإن وجوب الأقل لا يكون معلوما إلا بنحو الاهمال الجامع بين كونه بشرط شيء بالاضافة إلى الجزء المشكوك فيه أو لا بشرط ، وهو مقوم للعلم الإجمالي ، ولا يعقل ان يكون موجبا لانحلاله ، وإلا لزم انحلال العلم بنفسه وهو محال ، ثم انه (ره) أيد ذلك بالوجه الثاني (١) المتقدم.
وفيه : ان ما أفاده من عدم انحلال الحقيقي متين. ولكن ذلك لا يمنع من الانحلال الحكمي ، وهو جريان الأصل في احد الطرفين دون الآخر. وفي المقام وان كان كل من خصوصيتي وجوب الأقل ، أي الإطلاق ، والتقييد مشكوكا فيها ، ولكن لا يجري الأصل في الإطلاق ، لعدم الأثر فإنه يجب الإتيان به كان واجبا مطلقا أو مقيدا ، فيجري الأصل في خصوصية التقييد بلا معارض ، ولا نعنى بالانحلال إلا ذلك.
وبعبارة أخرى : ان القضية المهملة في المقام ليست كالقضية المهملة في المتباينين التي لا يترتب عليها الأثر إلا في ضمن احدى الخصوصيتين : فإنه يعلم بترتب العقاب على ترك الأقل ، فلا معارض للأصل الجاري في الخصوصية الزائدة التي يترتب عليها الأثر ، فيجري.
واما ما ذكره من التأييد ، فيرد عليه : ان الشك في سقوط التكليف ليس مطلقا موردا لقاعدة الاشتغال ، بل إنما يكون موردا لها إذا لم يكن منشأ الشك في التكليف كما في المقام.
__________________
(١) أجود التقريرات ج ٢ ص ٢٨٨. وفي الطبعة الجديدة ج ٣ ص ٤٩٢.