واما ثانيا : فلان دعوى عدم الإطلاق لدليل حجية الاستصحاب مع انه لاوجه لها ينافيها ما سيختاره من ترتيب آثار الواسطة إذا كانت جلية أو خفية ، وإذا لم يكن لدليل الاستصحاب إطلاق فلا مجال للقول المزبور.
والمحقق العراقي (ره) (١) وجه كلام المحقق الخراساني (ره) بما يندفع به الإيراد الأول ، وحاصله ان الحكاية التصديقية وان لم تكن مع عدم الالتفات ، إلا ان الحكاية التصورية ، موجودة وهي تكون موضوع الحجية.
وفيه : ان موضوع الحجية في الخبر ، الحاكى التصديقي ، واما التصورى فلا يكون حجة بلا ريب.
وقد افاد المحقق النائيني (ره) (٢) في وجه الفرق بين الامارات والأصول في ذلك : بان مرجع التعبد في الطرق إلى جعل ما ليس بعلم علما ، وتتميم كشفه الناقص ، وبعد انكشاف المؤدى يترتب عليه جميع ما للمؤدى من الخواص والآثار على قواعد سلسلة العلل والمعلولات ، واللوازم ، والملزومات.
وبالجملة : كما ان الشيء بوجوده الواقعي يلازم وجود اللوازم والملزومات والعلل والمعلولات ، كذلك احرازه يلازم احرازها ، وبعد ما كانت الأمارة الظنية محرزة للمؤدى يترتب عليها جميع ما يترتب عليه من الآثار الشرعية ولو بالف واسطة.
__________________
(١) نهاية الافكار ج ٤ ص ١٨٤ بتصرف.
(٢). فوائد الأصول للنائيني ج ٤ ص ٤٨١ ـ ٤٨٢ / أجود التقريرات ج ٢ ص ٤١٥ ، وفي الطبعة الجديدة ج ٤ ص ١٢٩.