وجه الظهور : انه قد عرفت ان المعتبر في الاستصحاب ترتب اثر عملي عليه كان ذلك من الاعمال الجوانحية أو الجوارحية ، والاعتقاد من القسم الأول ، والنسبة بينه وبين اليقين عموم من وجه فانه ، قد يكون القطع موجودا ولا اعتقاد كما ينبئ عنه قوله تعالى : (وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا)(١) ، وقد يكون الاعتقاد والبناء موجودا ولا قطع كما في موارد التشريع وقد يجتمعان.
نعم ، في الاعتقاديات التي يعتبر فيها اليقين لا يجري الاستصحاب ، لأنه لا يصلح للقيام مقام العلم الموضوعي ، وان شئت قلت انه في الاستصحاب مع حفظ الشك يكون التعبد بالمتيقن ، وهو لا يزيل الشك ، فلو كان الموضوع مما يعتبر فيه العلم شرعا ، أو عقلا ، فلا يجري الاستصحاب لعدم ثبوت الموضوع به ، إلا إذا كان العلم مأخوذا في الموضوع بما انه مقتض للجرى العملي ، ولعله يكون باب الشهادة من هذا القبيل ، وهذا لا يختص بالاعمال الجوانحية بل في الاعمال الجوارحية أيضاً كذلك.
مع ، انه إذا كان الاستصحاب حجة في كلتا الشريعتين يعتمد عليه للعلم بحجيته حينئذ ، بل يمكن ان يقال ان حجيته في الشريعة اللاحقة تكفى إذ لو كان الثابت هو الشريعة السابقة فهو ، ولو كان هي اللاحقة ، فمقتضى حجية الاستصحاب البناء على بقاء الأولى فتأمل.
الجهة الثانية : في استصحاب النبوة ، والكلام فيها من انحاء :
__________________
(١) الآية ١٤ من سورة النمل.