ففي ثبوت نسبه من الزوج وجهان للشافعيّة (١).
وعندنا لا يثبت نسبه من الزوج ، إلاّ إذا شهدت بأنّها ولدته على فراشه.
ولو لم تُقم المرأة بيّنةً واقتصرت على مجرّد الدعوى ، قال بعض علمائنا : يثبت نسبه ، ويلتحق بها ، كالأب (٢) ، وهو أحد أقوال الشافعي ، وهو رواية عن أحمد ؛ لأنّها أحد الأبوين ، فصارت كالرجل بل أولى ؛ لأنّ جهة اللحوق بالرجل النكاح والوطء بالشبهة ، والمرأة تشارك الرجل [ فيهما ] (٣) وتختصّ بجهةٍ أُخرى ، وهي الزنا (٤).
والأظهر عندهم : المنع ـ وبه قال أبو حنيفة ـ لأنّها يمكنها إقامة البيّنة على الولادة ، فلا يُقبل قولها فيه ، ولهذا لو علّق الزوج طلاقها بولادتها ، فقالت : قد ولدتُ ، لم يقع الطلاق حتى تُقيم البيّنة ، وتفارق الرجل من حيث إنّه يمكنها إقامة البيّنة على الولادة من طريق المشاهدة ، والرجل لا يمكنه ، فمست الحاجة إلى إثبات النسب من جهته بمجرّد الدعوى ، ولأنّها إذا أقرّت بالنسب فكأنّها تقرّ بحقٍّ عليها وعلى غيرها ؛ لأنّها فراش الزوج ، وقد بطل إقرارها في حقّ الزوج ، فيبطل الجميع ؛ لأنّ الإقرار الواحد
__________________
(١) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤١٣ ، روضة الطالبين ٤ : ٥٠٥.
(٢) الشيخ الطوسي في الخلاف ٣ : ٥٩٧ ، المسألة ٢٦ ، والمبسوط ٣ : ٣٥٠.
(٣) بدل ما بين المعقوفين في النُّسَخ الخطّيّة والحجريّة : « فيه ». والصحيح ما أثبتناه من العزيز شرح الوجيز.
(٤) الحاوي الكبير ٨ : ٥٧ ، المهذّب ـ للشيرازي ـ ١ : ٤٤٤ ، الوسيط ٤ : ٣١٧ ـ ٣١٨ ، حلية العلماء ٥ : ٥٥٩ ، التهذيب ـ للبغوي ـ ٤ : ٥٧٦ ـ ٥٧٧ ، البيان ٨ : ٢٢ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤١٣ و ٤١٤ ، روضة الطالبين ٤ : ٥٠٥ ، المغني ٦ : ٤٢١ و ٤٢٢ ، الشرح الكبير ٦ : ٤٢٩.