ونقل المزني من الشافعيّة : [ إنّه ] إذا عمل العامل الثاني بغير إذن المالك وحصل في المال ربحٌ ، كان لربّ المال النصف الذي شرطه لنفسه ، وما بقي بين العامل الأوّل والثاني.
ثمّ قال المزني : هذا قولٌ للشافعي قديم ، وأصله الجديد المعروف : إنّ كلّ فاسدٍ لا يصحّ حتى يبتدأ بما يصحّ ، فإن اشترى بعين المال فالشراء فاسد ، وإن اشترى في الذمّة فالشراء صحيح ، والربح للعامل الأوّل ، وللعامل الثاني أُجرة مثله (١).
وبنوا هذه المسألة على أصلٍ هي مسألة البضاعة ، وهي : إنّه إذا غصب رجل مالاً ثمّ اتّجر به وربح فيه ، ففيه قولان مبنيّان على أنّ تصرّفات الفضولي تنعقد موقوفةً على الإجازة ، أم لا؟ فإن قلنا : إنّ تصرّفه باطل ، فلو أنّ الثاني تصرّف في المال وربح ، لمَنْ يكون الربح؟ وهذا يبتني على أنّ الغاصب إذا اتّجر في المال المغصوب ما حكم تصرّفه؟ ولمن الربح الحاصل؟
أمّا إذا تصرّف في عين المغصوب فهو تصرّف الفضولي.
وأمّا إذا باع سَلَماً أو اشترى في الذمّة وسلّم المغصوب فيما التزمه وربح ، فعلى الجديد للشافعي : الربح للغاصب ؛ لأنّ التصرّف صحيح ، والتسليم فاسد ، فيضمن المال الذي سلّمه ، ويسلم له الربح ، وهذا قياس ظاهر.
وعلى القول القديم : هو للمالك ؛ لحديث عروة البارقي ؛ فإنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أخذ رأس المال والربح (٢) ، ولأنّا لو جعلناه للغاصب لاتّخذه
__________________
(١) مختصر المزني : ١٢٢.
(٢) سنن الترمذي ٣ : ٥٥٩ / ١٢٥٨ ، سنن الدارقطني ٣ : ١٠ / ٢٩ و ٣٠ ، سنن البيهقي ٦ : ١١٢ ، مسند أحمد ٥ : ٥٠٧ / ١٨٨٧٣ ، و ٥٠٨ / ١٨٨٧٧.