وأصحّهما ـ وبه قال المزني (١) ـ : إنّ له نصفَ الربح ؛ لأنّه رضي به ، بخلاف الغصب ، فإنّه لم يوجد منه رضا ، فصرفنا الجميع إلى المالك ؛ قطعاً لطمع مَنْ يغصب ويخون ، وعلى هذا ففي النصف الثاني وجوه :
أ : إنّ الجميع للعامل الأوّل ؛ لأنّ المالك إنّما شرط له ، وعقده مع الثاني فاسد ، فلا يتبع شرطه ؛ لأنّ المضاربة فاسدة ، والشرط لا يثبت في الفاسدة ، وعلى هذا فللثاني أُجرة مثل عمله على الأوّل ؛ لأنّه غرَّه.
ب : إنّ كلّه للثاني ؛ لأنّه العامل ، أمّا الأوّل فليس له عمل ولا ملك ، فلا يُصرف إليه شيء من الربح.
وأصحّها (٢) عندهم : إنّه يكون بين العاملين بالسويّة ؛ لأنّ تتبّع التصرّفات عسير ، والمصلحة اتّباع الشرط إلاّ أنّه قد تعذّر الوفاء به في النصف الذي أخذه المالك ، فكأنّه تلف وانحصر الربح في الباقي ، وعلى هذا ففي رجوع العامل الثاني بنصف أُجرة المثل وجهان :
أحدهما : نعم ؛ لأنّه كان طمعه في نصف الربح بتمامه ، ولم يسلم له إلاّ نصف النصف.
وأشبههما : لا ؛ لأنّ الشرط محمول على ما يحصل لهما من الربح ، والذي حصل هو النصف.
والوجهان فيما إذا كان العامل الأوّل قد قال للعامل الثاني : على أنّ ربح هذا المال بيننا ، أو على أنّ لك نصفه ، أمّا إذا كانت الصيغة : على أنّ ما رزقنا الله تعالى من الربح بيننا ، قطع أكثر الشافعيّة بأنّه لا رجوع ؛ لأنّ النصف هو الذي حصل.
__________________
(١) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٢٩.
(٢) في النُّسَخ الخطّيّة والحجريّة : « أصحّهما ». والمثبت هو الصحيح.