هي طموح إلى المثل الأعلى ، فهي نقلة على جناح الحبّ المبدع ، الّذي ينزع لا إلى توجيه سلوك الفرد وجهة أفضل فحسب ، بل إلى جذب المجتمع معه ، وقيادته ، بدلا من أن يكون مقودا له (١).
فإذا نظرنا إلى عرض برجسون هذا ـ على أنّه وصف وتحليل لواقع معين نجده في التّجربة ـ أمكن القول بأنّه لم يغفل كثيرا من الأساس.
وأمّا إذا تناولناه ـ على أنّه نظرية في الإلزام الأخلاقي ـ فإنّ تحليله يحمل بعض الصّعوبات ، وشيئا من الإنحراف عن الجادة ، بالنسبة إلى وجهة النّظر القرآنية.
فمن حيث كونه وصفا يمكن أن نتساءل ـ ما دام الأمر أمر تعيين لكلّ القوى المؤثرة على الإرادة ـ : لما ذا لم يشر برجسون إلى عامل ثالث ، أكثر قدما ، وأعمق جذورا في الفطرة الإنسانية ، أعني : العنصر الفردي [L\'individuel] ، أو الحيوي [Le vital]؟؟
ذلك أنّ ما يهم كلّ مواطن ليس فقط أن يخضع لقيود ، المجتمع ، ويسلك في داخل الكيان الإجتماعي مسلك خلية في مركب عضوي ، ولكنه كذلك أن يبحث بخاصة عن المحافظة على ذاته ، مستقلا عن المجموعة الّتي ينتمي إليها ، إن لم يكن على حسابها.
وأخطر من ذلك أنّ مصطلحي إلزام [Obligation] وأخلاق [morale] الواردين في هذا التّحليل ـ يبدو أنّ لنا متنافيين ، يناقض أحدهما الآخر ، فمتى أصبح
__________________
(١) انظر ، : ١ ـ ١ Bergson. Les deux sources de la morale et de la religion ـ ch ـ. ١ (مصدرا الأخلاق والدّين ـ الفصل الأوّل).