الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ) (١).
على أنّ النّبي صلىاللهعليهوسلم هو الّذي قرر ذلك بأوضح وجه وأصرحه ، حين قال : «إذا أمرتكم بشيء من رأيي فإنّما أنا بشر ، ولكن إذا حدثتكم عن الله شيئا فخذوا به ، فإنّي لن أكذب على الله» (٢).
ولم يكتف النّبي صلىاللهعليهوسلم بإعلان أنّ آراءه حول أمور الدّنيا ليست معصومة من الخطأ ، من حيث كانت خارج نطاق رسالته ، وهو في ذلك يقول لصحابته ولأمته : «أنتم أعلم بأمر دنياكم» (٣) ـ وإنّما أضاف إلى ذلك أنّه ربما (٤) يقع في
__________________
(١) الأنفال : ٢٤.
(٢) انظر ، صحيح مسلم : ٧ / ٩٥ ، المجموع : ١١ / ٣٥٣ ، سنن ابن ماجه : ٢ / ٨٢٥ ح ٢٤٧٠ ، الجامع الصّغير : ١ / ٣٩٣ ح ٢٥٧٠ ، كنز العمال : ١١ / ٤٦٤ ح ١٢١٧٩ و ١٢١٨٠ ، فيض القدير شرح الجامع الصّغير : ١ / ٦٢٥ و : ٢ / ٧١٩ ، معتصر المختصر : ٢ / ٣٠٠ ، مسند أحمد : ١ / ١٦٢ ح ١٣٩٥ ، مسند أبي يعلى : ٢ / ١٢ ح ٦٣٩ ، حلية الأولياء : ٤ / ٣٧٣ ، ونحن نشك في صحة الرّواية ؛ لأنّه صلىاللهعليهوآله لا ينطق عن الهوى كما قال تعالى : (وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى) النّجم : ٣ ـ ٤ ، ومن غير المعقول يخبر بشيء يخالف الحقّ ، هذا أوّلا. وثانيا : من قال أنّه لا يعرف تأثير التّأبير على النّخل ، وهو الّذي عاش في الجزيرة العربية ، وهو ابن بجدتها. وثالثا : وهو صلىاللهعليهوآله يعرف بأنّ النّاس يتعبدون بكلامه ويرتبون الأثر عليه ، فكيف يتكلم بشيء لا يعرفه ، ويضر بالآخرين. وقال المعرب : رواه مسلم ـ كتاب الفضائل ـ باب ٣٨ ، والفقرة الأولى من النّص الّذي ذكره المؤلف من حديث عن رافع بن خديج رضي الله عنه ، والفقرة الثّانية من حديث عن طلحة ابن عبيد الله ، وكلاهما وارد بمناسبة حادثة تأبير النّخل.
(٣) انظر : صحيح مسلم : ٢ / ٢٢٣ و : ٤ / ١٨٣٦ ، البيان والتّعريف : ١ / ٢٩٩ ، فيض القدير شرح الجامع الصّغير : ١ / ٤٨٩ و : ٣ / ٥٠ ، المحلى : ٨ / ٢٨٦ ، مسند أحمد : ١ / ١٦٢ و : ٣ / ١٥٢ ، شرح نهج البلاغة : ٧ / ٢٠ ، الجامع الصّغير : ١ / ٤١٦ ح ٢٧١٤ ، كنز العمال : ١١ / ٤٦٥ ح ٣٢١٨٢ ، فيض القدير : ١ / ٦٢٥ ، سبل الهدى والرّشاد : ١٢ / ٧. ولا ندري ما هي الأمور الّتي لا يتدخل بها النّبي صلىاللهعليهوآله ، فإذا كانت أمور مثل تأبير النّخل فلما ذا تدخل أوّلا ، وإذا كانت أمور الخلافة أو الإمامة فهذا بحث آخر.
(٤) لا نريد التّعليق على كلمة ربما يقع في الخطأ ـ والعياذ بالله ـ ولكن نسأل هل المؤلف يعتقد بالعصمة أم ـ