أخطاء ، صغيرة أو كبيرة ، حين يتعرض لموضوع من موضوعات رسالته الإلهية نفسها ، أعني : النّظام الأخلاقي ، أو التّشريعي ، أو العبادي ، ما لم يكن مؤيدا بالوحي.
وهكذا وجدنا القرآن يعاتبه في مواقف كثيرة ، لأنّه رقّ لحال المشركين ، فوقف منهم موقفا يتسم بالرحمة ، حيث كان ينبغي أن يكون أكثر تشددا : (ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ) (١). ويخاطبه في موقف
__________________
ـ لا؟ وهل مسدد من قبل الوحي أم لا؟ وهل مسدد في التّشريع فقط أم لا؟ وما موقف المؤلف قدسسره من آيات العصمة؟.
(١) الأنفال : ٦٧.
لسنا بصدد دراسة أسباب نزول هذه الآية الكريمة ، بل نقول : لا نتفق مع المؤلف قدسسره في قوله (وهكذا وجدنا القرآن يعاتبه في مواقف كثيرة) ، وخلاصة قول علماء الإمامية في سبب نزول هذه الآية الكريمة : لقد شاور الرّسول الأعظم صلىاللهعليهوآله أصحابه في الأسرى فصدرت مشورتهم عن نيات مشوبة في نصيحته فكشف الله تعالى ذلك له ، وذمهم له ، وأبان عن إدغالهم فيه فنزلت الآية. فوجه التّوبيخ إليهم ، والتّعنيف على رأيهم ، فأبان للنبي صلىاللهعليهوآله عن حالهم حتّى يعلم أنّ المشورة لهم لم تكن لفقر إلى آرائهم ، وإنّما كانت لتأليفهم بهذه المشورة ، ولتعليمهم بما يصنعونه عند عزمهم ، وليتأدبوا بأداب الله ، فاستشارهم لذلك. وقيل : أنّ في أمّته من يبتغي له الغوائل ، ويتربص به الدّوائر ، ويسرّ خلافه ، ويبطن مقته ، ويسعى في هدم أمره ، ويناقضه في دينه ، ولم يعرفه باعيانهم ، ولا دلالة عليهم باسمائهم فإراد بهذه المشورة أن يكشفهم. انظر الفصول المختارة للشيخ المفيد : ٣٢ ، والمسائل العكبرية أيضا للشيخ المفيد : ١٠٨ (بتصرف).
وروي أنّه صلىاللهعليهوآله قال لأصحابه يوم بدر في أسارى بدر : إن شئتم قتلتموهم ، وإن شئتم فاديتموهم ... فقالوا : بل نأخذ الفداء فنستمتع به ، ونتقوى به على عدونا. وروي أنّ النّبي صلىاللهعليهوآله كره أخذ الفداء حتّى رأى سعد بن معاذ كراهية ذلك في وجهه ، فقال يا رسول الله! هذا أوّل حرب لقينا فيه المشركين ، والإثخان في القتل أحبّ إليّ من استبقاء الرّجال. وقال عمر بن الخطاب يا رسول الله! كذبوك ، وأخرجوك ، فقدمهم واضرب أعناقهم ومكن عليّا من عقيل فيضرب عنقه ... انظر ، بحار الأنوار : ١٩ / ٢٤٢ ، تفسير مجمع البيان : ٤ / ٤٩٥ ، تفسير الميزان : ٩ / ١٣٩.