آخر : (عَفَا اللهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ) (١). وفي موقف ثالث : (ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ) (٢).
ومن أمثلة ذلك أيضا موقفه في إحدى حالات السّرقة الّتي رفعت إليه ، على ما ورد في القرآن ، فكاد يخدع في حكمه ، ولو لا مساعدة الوحي له لأدان البريء ، وبرأ المذنب ، وفي ذلك يقول القرآن : (وَلا تَكُنْ لِلْخائِنِينَ خَصِيماً) (٣).
__________________
(١) التّوبة : ٤٣.
هذه الآية الكريمة أيضا كالآية السّابقة ، والدّليل على ذلك قول الإمام الرّضا عليهالسلام : هذا مما نزل (إياك أعني واسمعي يا جارة) خاطب الله بذلك نبيه صلىاللهعليهوآله وأراد به أمّته. أنظر مسند الإمام الرّضا : ٢ / ١٣٠ ، الإحتجاج للطبرسي : ٢ / ٢٢٢ ، بحار الأنوار : ١١ / ٨٣ ، تنزيه الأنبياء للسيد المرتضى : ١١٤ ، أو كما قال الإمام أبي جعفر عليهالسلام : حتّى تعرف أهل العذر ، والذين جلسوا بغير عذر. كما جاء في المصادر السّابقة ، وتفسير القمي : ٢٦٩.
(٢) التّوبة : ١١٣.
سبق وأن ناقشنا ذلك في تحقيقنا لكتاب بلوغ المآرب في نجاة آباء النّبي صلىاللهعليهوآله ، وعمّه أبي طالب للشيخ الأزهري سليمان الجمل فراجع ذلك ، وراجع تفسير الآية في الطّبريّ : ١١ / ٣٠ ، فقد قال : (ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ .. ،) اختلف أهل التّأويل في السّبب الّذي نزلت فيه هذه الآية ، فقال بعضهم : نزلت في شأن أبي طالب ... وقال آخرون : بل نزلت في سبب أمّ رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وذلك أنّه أراد أن يستغفر لها فمنع من ذلك ... وقال آخرون : بل نزلت من أجل أنّ أقواما من أهل الإيمان كانوا يستغفرون لموتاهم من المشركين ، فنهوا عن ذلك ...
وعن ابن عبّاس قوله : (ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ ..) الآية فكانوا يستغفرون لهم حتّى نزلت هذه الآية ، فلما نزلت أمسكوا عن الاستغفار لأمواتهم ... وراجع الكاشف للزمخشري : ٢ / ٢١٧ ، وابن العربي في أحكام القرآن : ٢ / ١٠٢١ ، تحقيق : البجاويّ ، والفخر الرّازيّ : ١٦ / ١٠٨ ، الطّبقات لابن سعد : ١ / ٧٨ ، الشّوكاني : ٢ / ٤١١.
(٣) النّساء : ١٠٦ ـ ١١٣ ، وقد ذكر الواحدي في أسباب النّزول ـ ١٢٠ مناسبة نزول هذه الآيات ، وذلك أنّ ـ