وليس يهمنا أن يقال : إنّ هذه الآية موجهة إلى الأمّة المحمدية بعامة ، أو هي موجهة إلى الجيل الأوّل الّذي شهد الوحي ، وهو قول أكثر إحتمالا ، فهناك دائما ، أنّى توجهنا ، جماعة من النّاس ، رأيهم مجتمع ، وقد يصدقه الكتاب الكريم ، ليصبح ـ رأيا منزها من النّاحية الأخلاقية ، يجل عن أن يرضى شرّا ، أو يمنع خيرا.
وهناك استدلال مماثل يفيد مزية الإجماع ، ويمكن أن يستقى من آية أخرى ، فبعد أن قرر القرآن لأولي الأمر من المسلمين نفس حقّ الطّاعة الّذي قرره لله ورسوله ـ نجده يضيف مباشرة تحفظا ، هو أنّه في حال النّزاع يجب الرّجوع إلى السّلطتين الرّئيستين : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ) (١). ومن هذا النّص يؤخذ أنّه طالما وجد أتفاق مشترك فلن يكون هنالك مقتض للجوء إلى أي معيار آخر ، لإقرار العدالة ، فيما يواجه أولي الأمر من ظروف.
فإذا ما رجعنا إلى الوثائق الّتي ترويها السّنة فسوف نرى أنّ هذا الإمتياز غير
__________________
ـ الجميع حجّة إذا دخل فيه قول المعصوم عليهالسلام وهذا أيضا دونه خرط القتاد ، ولا يمكن أن تكون كلّ قواعد الفقه الإسلامي صحيحة ما لم تكن مبنية على أسس وقواعد مستنبطة من الكتاب والسّنة النّبوية بما فيها قول المعصوم عليهالسلام ، ولا يمكن مراد الآية كلّ الذين هاجروا معه صلىاللهعليهوآله من مكّة إلى المدينة ، وهذا يشمل الكلّ السّورية وهي الّتي خرقها كثير منهم ، بشرب الخمر ، والقتل والأرتداد ، بل المقصود هم أهل البيت عليهمالسلام كما ورد ذلك في المناقشة الدّقيقة ، واللطيفة في كتاب دعائم الإسلام للقاضي النّعمان المغربي : ١ / ٣٥ ، وكمال الدّين وتمام النّعمة للشيخ الصّدوق : ٩٧ ، وتفضيل أمير المؤمنين عليهالسلام للشيخ المفيد : ٣٧ ، وأمالي السّيد المرتضى : ٤ / ١٠٧ ، وتفسير مجمع البيان للطبرسي : ٢ / ٣٦٢ ، وغير ذلك كثير.
(١) النّساء : ٥٩.