الصّدد ، قوله صلىاللهعليهوسلم : «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحقّ ، لا يضرهم من خذلهم ، حتّى يأتيهم أمر الله وهم ظاهرون ، وفي رواية : حتّى تقوم السّاعة» (١).
وإذا كانت عصبة الحقّ لا تزال باقية في العالم الإسلامي فإنّ فكرة الإتفاق الأجماعي على الضّلالة سوف تكون إذن مستبعدة ، على أنّها أمر محال من الوجهة العملية في العالم الإسلامي.
فقد انته الرّأي إلى اعتبار الإجماع في أي عصر سلطة عليا لا معقب لها ، وهي تستطيع أن تحكم على نصوص القرآن ، والحديث ذاتها ، ولا يمكن أن تحكم بهما ، ولا أن تبطل برأي آخر ، سابق أو لاحق. وعامة المسلمين يخضعون في الواقع لهذه السّلطة دون مناقشة ، أللهمّ فيما خلا بعض الخوارج ، والمعتزلة ، والشّيعة (٢).
__________________
(١) انظر ، صحيح البخاري : ٦ / ٢٦٦٧ ح ٦٨٨١ و : ٩ / ١٢٤ ، وقد فسر البخاري هذا الحديث ذاهبا إلى أنّ الطّائفة المذكورة في النّص «هم أهل العلم». صحيح مسلم : ١ / ١٣٧ ح ١٥٦ و : ٣ / ١٥٢٣ ح ١٧٠ و ١٧٤ و ١٩٢٠ ، سنن ابن ماجه : ١ / ٤ ح ٦ ـ ١٠ ، الفقيه والمتفقه للخطيب البغدادي : ١ / ٥ ـ ٦ ، المغني : ١٠ / ٣٧٧ ، نيل الأوطار : ٨ / ٣١ ، كنز العمال : ١ / ١٨٥ ح ١٠٣٠ ، الدّر المنثور : ٢ / ٢٢٢ ، الدّيباج على مسلم : ٤ / ٥١١ ، تفسير القرطبي : ٧ / ٢٢٢ ، تفسير ابن كثير : ١ / ١٦٤ ، المستدرك على الصّحيحين : ٢ / ٨١ ح ٢٣٩٢ و : ٤ / ٤٩٦ ح ٨٣٨٩ ، سنن التّرمذي : ٤ / ٤٨٥ ح ٢١٩٢ وص : ٥٠٤ ح ٢٢٢٩ ، مجمع الزّوائد : ٧ / ٢٨٨ ، المعجم الأوسط : ٨ / ٥٨ ح ٧٩٥٧ ، المعجم الكبير : ٧ / ٥٣ ح ٦٣٦٠ ، تهذيب البارع للقاضي ابن البراج : ١ / ١٩.
(٢) لا أدري ما ذا يقصد المؤلف قدسسره بدعوى الإجماع الّتي وردت في عبارته هذه ، هل هو اتّفاق أهل المدينة؟ أم اتّفاق أهل مكّة والمدينة؟ أم أهل المصرين ـ الكوفة والبصرة ـ أم اتّفاق الشيخين؟ أم اتّفاق الخلفاء الأربعة؟ أم اتّفاق خصوص المجتهدين؟ أم هو إجماع الصّحابة؟ والّذي يعدهم خيرة الأجيال؟ أم إجماع السّقيفة؟ أم إجماع قتل أهل بيت النّبوّة؟ أم إجماع استباحة المدينة ثلاثة أيام؟ أم إجماع ـ