لكتابه؟ .. وكيف يمكن أن يكون هذا الموقف بخاصة متوافقا مع منطق الإسلام ، الّذي يبغض أشد البغض كلّ إنقياد أعمى ، ولا يفتأ يمجد العقل ، والرّأي النّاضج ، حتّى في عقائده الأساسية؟
من هنا نفهم إلى أي حدّ أثارت هذه النّظرية رجلا من العقليين ، هو النّظام ، فدفعته إلى أن يعلن أنّ : «الإجماع عبارة عن كلّ قول قامت حجته ، وإن كان قول واحد» (١) ، ولا قيمة لإجماع لا يقوم على حجّة (٢).
فإذا تأملنا من قريب رأي النّظام فسوف نجد أنّه لم يكن مصيبا مطلقا ، ولا مخطئا مطلقا ، فهو محق لأنّه يدافع عن مبدأ سام اعترف به القرآن ، ولكنه أخطأ حين اعتقد أنّه كشف عن شرط أولي جهله كلّ النّاس قبله.
فلا بد إذن من إيضاح لتحديد هذا الإجماع ، الّذي يمكن أن يعتمد عليه المسلم ، كسلطة تشريعية مؤكدة ، ومعتمدة عند القضاء.
فكلمة (إجماع) تترجم عموما بكلمة (٣) [Consensus] ، [Consensus]
__________________
(١) انظر : الغزالي في المستصفى : ١٣٧.
(٢) إنّ حجية الإجماع منحصرة عند الشّيعة الإمامية بما إذا كان مشتملا على قول المعصوم أو رأيه أو رضاه قطعا ، ويقسم إجماع الفقهاء إلى قسمين : إتفاقهم في المسائل التّفريعية الّتي يكون للنظر والإجتهاد فيها دخل في إثباتها.
وبعبارة أخرى : ما لا يكون دليلها منحصرا في السّمع ، وبمثل هذا الإتفاق لا يكشف عن قول الإمام عليهالسلام. وثانيا : أنّ طريقها منحصرا في السّمع كمسألة العول مثلا بشرط أن يتصل إلى زمن المعصوم عليهالسلام .. انظر ، تقريرات في أصول الفقه للسيد البروجردي : ٢٨٥ ، الهداية للشيخ الصّدوق : ٢٢ ، رسائل المرتضى : ١ / ١١ ، غنية النّزوع لابن زهرة : ٢٨ ، وراجع الاصول العامة للفقه المقارن للسيد محمد تقي الحكيم ، المبحث الثّالث : ٢٥٣.
(٣) كلمة لا تينية معناه : الإتفاق بين عدة أشخاص ، أو عدة هيئات. «المعرب».