يكفيها في ذاتها لكي توجد في الواقع في فكرة الموجود الكامل عند «ديكارت». إذ أنّ المفهوم الأخلاقي لا يمكن أن يندمج في الواقع إلّا بوساطة نشاط فاعل مريد وحرّ ، ولكنها (أي الضّرورة الأخلاقية) متصورة بوساطة هذا الفاعل كقيمة جديرة أن تتحقق ، وحافزة لإرادته على أن توجدها. وفي كلمة واحدة : فإنّها الإلحاح على مثال أعلى عملي يطلب حقه في الوجود الفعلي.
بهذه الفكرة عن القيمة العملية نترك مجال الخصائص العامة المشتركة بين جميع القوانين ، لننتقل إلى الخصائص النّوعية للقانون الأخلاقي.
لقد أدرك «كانت» ، بفضل تعمقه الفكري الملحوظ ، الأختلاف الكبير الّذي يفصل أساسا القاعدة الأخلاقية عن جميع القواعد الأخرى العملية. ويكمن هذا الأختلاف في الفكرة الأرسطية عن «الغاية» و«الوسيلة» ، ويعني الأختلاف بين ما ينبغي أن نسعى إليه «لذاته» ، أو «لشيء آخر». وإنّها لفكرة خصبة ، تلك الّتي عرف «كانت» كيف يستخدمها لحسن الحظ ، والّتي نتناولها بدورنا ، حين نستخرجها من مذهب «كانت» الشّكلي. والواقع أنّه على حين أنّ فن الحياة بما أشتمل من قواعد الحذق ، والفطنة لا يتطلب نشاطنا بشكل جاد ، إلّا بناء على هدف محبب ، فإنّ القانون الأخلاقي وحده هو الّذي يفرض النّشاط لذاته ، أعني : بموجب القيمة الذاتية الّتي يتضمنها. فأمر الواجب هو وحده الّذي يمكن أن يسمى «إلزاما» بالمعنى الحقيقي. أمّا الأوامر الأخرى فهي ليست سوى نصائح مجردة ، تدل على الوسائل لمن أراد أن يبلغ الغاية.
ولسوف ندع جانبا ـ مؤقتا ـ مسألة معرفة ما إذا كان الإنسان قادرا دائما على