السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ) (١). أشتد ذلك على أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فأتوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ثمّ جثوا على الرّكب فقالوا : يا رسول الله ، كلفنا عن الأعمال ما نطيق : الصّلاة ، والصّوم ، والجهاد ، والصّدقة ، وقد أنزل الله هذه الآية ولا نطيقها ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : أتريدون أن تقولوا كما قال أهل الكتاب من قبلكم : سمعنا وعصينا؟. بل قولوا (سَمِعْنا وَأَطَعْنا غُفْرانَكَ رَبَّنا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ) (٢). وهنا نزل هذا النّص التّفسيري المذكور آنفا ليقول لهم : «إنّ التّكليف لا يتوجه إلى الإنسان إلّا في حدود وسائله ، وهكذا أدركوا أنّ أحوال النّفس الّتي لا تخضع للإرادة ليست في الواقع ، ولا يمكن أن تكون ـ موضوعا مباشرا للتكليف ، فضلا عن الوساوس ، والغرائز ، والشّهوات ، والميول الفطرية.
ولذا ، فإنّ جميع الأوامر ذات الأتصال بالحبّ ، أو البغض ، وبالخوف ، أو الأمل ـ قد فسرت عقليا لدى الشّراح على أنّها قد جاءت لتحكم عملا سابقا نشأت عنه هذه الحالات ، أو عملا مصاحبا ، أو لا حقا ، ولكنه لا يمكن أن يكون من قبيل اللإرادي. وهكذا نجد أنّ حبّ الله ، وهو حالة عاطفية ولا إرادية في
__________________
(١) البقرة : ٢٨٤.
(٢) البقرة : ٢٨٥.
وللحديث بقية في المسند المستخرج على صحيح الإمام مسلم : ١ / ١٩٤ ح ٣٢٦ ، معتصر المختصر : ٢ / ١٦٣ ، مسند أحمد : ٢ / ٤١٢ ح ٩٣٣٣ ، والطّبري في تفسيره : ٣ / ٩٧ ، زاد المسير لابن الجوزي : ١ / ٢٩٥ ، تفسير ابن كثير : ١ / ٣٤٥ ، لباب النّقول للسيوطي : ٣٩ ح ٢٨٤ ، فتح القدير للشوكاني : ١ / ٣٠٥.