إنّه يريد أن يقول إذن : «لا تخلوا بين أنفسكم وبين الأنزلاق في نتائج الغضب الطّائشة ، وقاوموا الحركات الّتي تسير في اتجاه فاسد بتوجيهها وجهة أخرى» (١).
بل إنّ العقيدة نفسها يمكن أن ينظر إليها على إنّها إلزام منبثق عن أمر واقع ، ما دام الإنسان ـ أمام الوضوح الّذي لا يقاوم ـ لا يملك إلّا أن يذعن ويسلم.
ولذا نجد القرآن حين يريد أن يوجز وصاياه المتعلقة بالإيمان ينتهي بها إلى وصية واحدة هي التّفكر في عزلة ، أو في صحبة شخص آخر : (قُلْ إِنَّما أَعِظُكُمْ
__________________
ـ ١٢ / ٥٠٤ ح ٥٦٩٠ ، المستدرك على الصّحيحين : ٣ / ٧١٣ ح ٦٥٧٨ ، سنن التّرمذي : ٤ / ٣٧١ ح ٢٠٢٠ ، مجمع الفائدة : ١٢ / ٣٦٩ ، السّنن البيهقي الكبرى : ١٠ / ١٠٥ ، مجمع الزّوائد : ٨ / ٦٩ و ٧٠ ، المصنّف لابن أبي شيبة الكوفي : ٧ / ٦٧ ح ٣٤٢٤٥.
(١) الواقع أننا نجد لهذا الموضوع علاجا مشارا إليه في الأحاديث ، فقد أوصى النّبي صلىاللهعليهوآله كلّ من يتعرض لهذه العاطفة العنيفة أن ينعش وجهه ، وجوارحه بوضوء : «فإذا غضب أحدكم فليتوضأ».
انظر ، تفسير القرطبي : ٧ / ٢٨٧ ، تفسير ابن كثير : ١ / ٤٠٦ ، سنن أبي داود : ٤ / ٢٤٩ ح ٤٧٨٧ ، مسند أحمد : ٤ / ٢٢٦ ح ١٨٠١٧ ، الأحاد والمثاني : ٢ / ٤٦٤ ح ١٢٦٧ ، المعجم الكبير : ١٧ / ١٦٧ ح ٤٤٣ ، جامع العلوم والحكم : ١ / ١٤٦ ، شعب الإيمان : ٦ / ٣١٠ ح ٨٢٩١ ، الفردوس بمأثور الخطاب : ١ / ١٨٠ ح ٦٧٢ و : ٣ / ١١٣ ح ٤٣١٤ ، فيض القدير : ٢ / ٣٧٧ ، تهذيب التّهذيب : ٧ / ١٦٨ ح ٣٥٨ و : ٢٠ / ٣٤. ويعتمد علاج آخر على تغيير الوضع المادي : أن يجلس الغاضب إذا كان قائما : «إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس ، فإن ذهب عنه الغضب ، وإلّا فليضطجع». انظر ، تفسير القرطبي : ٧ / ٢٨٧ ، تفسير ابن كثير : ١ / ٤٠٦ ، صحيح ابن حبان : ١٢ / ٥٠١ ح ٥٦٨٨ ، موارد الظّمآن : ١ / ٤٨٤ ح ١٩٧٣ ، مجمع الزّوائد : ٨ / ٧٠ ، سنن أبي داود : ٤ / ٢٤٩ ح ٤٧٨٢ ، مسند أحمد : ٥ / ١٥٢ ح ٢١٣٨٦ ، مسند الحميدي : ٢ / ٣٣١ ح ٧٥٢ ، شعب الإيمان : ٦ / ٣٠٩ ح ٨٣٨٤ ، تهذيب الكمال : ٣٣ / ٢٣٥ ، سبل السّلام : ٤ / ١٨٣.
وهنا مجال لمقارنة كلّ هذه الأساليب الفنية النّفسية ـ العضوية بنظرية ديكارت ، ومالبرانش ، الّتي قدمها كلّ منهما عن فن السّيطرة على العواطف : [L\'art de maitriser les passions]