أمّة الإسلام.
فإذا لم يكن المراد ضرورة أنّ هذا الطّابع إسلامي النّوع ، فلا أقل من أن يوحي إلينا عدم القصد إلى ذكر قول عام في هذا الصّدد ، فكرة أنّ هذا الجانب ليس مشتركا بين جميع الشّرائع المنزلة.
هذه الفكرة الّتي يمكن أن نستنتجها هنا من مجرد المقابلة الأسلوبية ، جاءت إلينا واضحة تمام الوضوح في آية أخرى هي قوله تعالى : (رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا) (١) ، فقد كان هنالك إذن «إصر» مفروض في شريعة سابقة ، ففي أي دين كان؟. وما هو هذا الإصر؟.
فأمّا عن النّقطة الثّانية ، فقد ذكر المفسرون أمثلة كثيرة لا مجال هنا لتحقيق قيمتها التّأريخية.
وأمّا عن النّقطة الأولى ، فإنّ العبارات الّتي إستخدمها بعضهم يفهم منها أنّ ذلك كان في جميع الأديان السّابقة ، الّتي باينتها شريعة محمّد صلىاللهعليهوسلم بما يشبه المزية الخفية. غير أننا إذا ما تمسكنا بإشارات القرآن نعتقد أنّ بوسعنا أن نجيب عن هذين السّؤالين إجابة قاطعة محددة.
ففي الحوار الّذي أورده القرآن بين الله عزوجل ، وبين موسى ، عقب الرّجفة الّتي أخذت السّبعين المختارين من قومه في جبل سيناء (٢) ، نقف أمام آية ، لو وضعناها بإزاء الآية الّتي ذكرناها آنفا لمنحتها قيمة بيانية ، حيث قد استعملت
__________________
(١) البقرة : ٢٨٦.
(٢) انظر ، تفسير الثّعالبي : ٣ / ٨٢ ، الكامل لابن الأثير : ١٠ / ٣١٠ ، سير أعلام النّبلاء : ١٩ / ٢٩٨ ، سبل الهدى والرّشاد : ٣ / ٣٠٥.