نفس ألفاظها. يقول الله تعالى : (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِنا يُؤْمِنُونَ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ) (١) ، فبنو إسرائيل والدّيانة اليهودية يمكن إذن أن يصبحا عبرة لنا ، عبرة توضح النّص المذكور. ولكن ما أهمية هذا التّوضيح؟ .. أيجب أن نأخذ النّصين على أنّ كلا منهما محدد للآخر؟. أو يجب على العكس أن نمضي صعدا في التّأريخ ، وأن نمد فيه العبرة إلى الأديان السّابقة. ثمّ نختم حديثنا بإمتياز الشّريعة المحمدية في هذه النّقطة؟. إننا لا نوافق على الأفتراض الأخير ، لأسباب :
أوّلها : أنّ من العسير أن نصف دينا كدين إبراهيم بهذا الوصف ، وهو الّذي طالما أنتسب إليه الإسلام ، وخصه القرآن بنفس السّمة الرّحيمة : (وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ) (٢).
وثانيها : أنّ المصاعب الّتي ذاقها بنو إسرائيل على ما حكى القرآن (كالسبت ، وتحريم بعض الطّيبات) ـ لا تبرز أصلا في ديانته ، وإنّما هي إجراءات أتخذت فيما بعد عقابا لهم على سوء عملهم ، وهو ما يعبر عنه قوله تعالى : (إِنَّما جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ) (٣) ، وقوله : (فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ
__________________
(١) الأعراف : ١٥٦ ـ ١٥٧.
(٢) الحجّ : ٧٨.
(٣) النّحل : ١٢٤.