من هذا الحبّ المتبادل المتساوي شرطا للإيمان : «لا يؤمن أحدكم حتّى يحبّ لأخيه ما يحب لنفسه» (١).
من هذه الإدانة الكاملة للأنانية في جميع أشكالها إستخرج الضّمير الإنساني العام مبدأ شمولية الواجب ، وتبادليته.
فلم يفعل «كانت» إذن في البداية سوى أن سجل هذا القانون ، ولاحظه كواقع للضمير. ومع أنّه قد أوضح نقص هذه الأقوال القديمة وعجزها عن تقديم القانون الأخلاقي الكامل (٢) ـ نجده يبني كلّ نظامه إبتداء من الفكرة الموحاة في هذه المأثورات.
والواقع أنّه يعتمد في وضع القاعدة الجوهرية للحكم الخاضع لقوانين العقل العملي المحض ـ على حكم «الإدراك العادي» ، وهي القاعدة الّتي يصوغها على هذا النّحو : «سل نفسك إذا ما كان العمل الّذي تهم به يمكن أن يحدث إفتراضا ، طبقا لقانون الطّبيعة الّتي أنت جزء منها ـ هل تستطيع إرادتك ـ مع ذلك ـ أن تقبله على أنّه ممكن»؟.
ويستطرد قائلا على سبيل المثال : «كلّ منا يعرف جيدا أنّه إذا سمح لنفسه أن
__________________
(١) انظر ، صحيح البخاري : ١ / ٩٥ ح ١٢ ، ويضيف النّسائي : ٨ / ١١٥ ، عبارة «من الخير» ، سنن التّرمذي : ٤ / ٧٦ ح ٢٦٣٤ ، المحاسن للبرقي : ١ / ١٠ ، سنن الدّارمي : ٢ / ٣٠٧ ، سبل السّلام : ٤ / ١٦٥ ، المجموع : ١ / ٣١ و : ٩ / ١٥٣ ، المحلى : ١١ / ١٤٣ ح ٢١٧٣ ، وسائل الشّيعة : ٨ / ٥٤٩ ، منية المريد : ١٩٠ ، مسند أبي يعلى : ٥ / ٣٢٧ ح ٢٩٥٠ ، البيان والتّعريف : ٢ / ٢٩٨ ، مسند أحمد : ٣ / ٢٧٨ ح ١٣٩٩٥ ، شرح النّووي على صحيح مسلم : ٢ / ١٦ ، سنن ابن ماجه : ١ / ٢٨٦ ح ٣٩٧٦ ، تحفة الأحوذي : ٧ / ١٨٤ ، بحار الأنوار : ٢٧ / ٨٩.
(٢) انظر ، ١ ـ Kant : Fondement de la metaphysique des moeurs p : ٣٥١