وقد كان من الواجب أن يؤدي منطق هذه الثّنائية في الطّبيعة الإنسانية إلى تأكيد نوع من التّفرقة ، لا بين الشّخص والفرد فحسب ، أي : بين ما آل إلينا على صورة الإشتراك ، وما يعزى إلى كلّ إنسان بمفرده ، ولكن أيضا بين حقوق العقل وحاجات الجسد.
ولكنا نرى «كانت» يدافع مع الجميع عن حقّ النّاس في الأمن ، والواجب الصّارم ألا يعتدي أحد على أجسامهم ، وأموالهم ، كما يحرّم الإسترقاق والسّخرة في جميع أشكالها. وإذن ، فلم نكن بحاجة إلى كلّ هذه الدّقة في التّحليل ، لنصل في النّهاية ، إلى ترديد أمور تافهة ، وأعم من أن يتضمنها المبدأ الّذي أعلنه. ألسنا نرى هنا أنّ النّتيجة تتضمن أكثر مما في المقدمات؟. وإذا كان الإحترام يمكن أن يمتد إلى العنصر المحسوس في الإنسان ، ويجب أن يكون كذلك ، فلما ذا نرفض إمتداده إلى العنصر المحسوس في مجال آخر؟. ولما ذا كان من المسموح به أن نعامل الحيوانات على أنّها أشياء ، سواء أكنّا نستأنسها أم كنّا نذبحها دون تحرج؟
وهناك إعتبارات أخرى غريبة عن المنطق المحض ، لا مناص من أن تدخل في تفكير المشرع ، كيما تطبع نتائجه بذلك الطّابع غير المتكافىء ، تارة بتوسيعها ، وتارة بتضييقها.
وأمّا كون تلك الصّيغ الفرعية سقيمة التّوافق مع المبدأ ، فذلك عند ما يحظر علينا هذا المبدأ أن نسمح لأي امرىء أن يمسّ حقوقنا ، فإمّا أنّ الكلمات قد فقدت مدلولها ، وإمّا أنّ أي «حقّ» من حيث هو هو ، لا ينشىء «واجبا» قبل من يملكه ، بل في مواجهة الغير. فإذا كان هذا فعلا حقي فأنا حرّ في أن أستمسك به ، أو أتنازل عنه لمن أشاء. ولنقرر ، بنوع من إنفصام الذات ، أنني بإعتباري «فردا»