إيجابي ، حدّدت فيه الواجبات ، ورتبت بدرجة كافية. وهو فضلا عن ذلك قائم في مواجهة واقع حي ، ومراعى إلى أقصى حدّ.
وبإختصار : ذلكم هو ضمير المؤمن ، ومن خصائص ضمير كهذا أن يكون لديه ، وهو حاضر في ذاته ، ومهيّأ للتناصح ، شخصية مشرّعه ، فما كان له إذن أن يستسلم لأعتبارات يعلم أنّها غير مشروعة في نظر واضع الشّرع ، بله أن يخون نفسه.
وإليك مثالا على هذا ، فالله سبحانه يقول لي (ما معناه) : أفعل هذا إلّا المحرّم ، ولا تفعل هذا ، إلّا إذا كنت مكرها بضرورة ، ثمّ إنّه يحصنني ضد الدّوافع الخفية الّتي يمكن أن تحملني على مخالفة الأمر ، تحت ستار ضرورة زائفة : (فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (١).
فهل أستطيع في هذه الظّروف أن أبرىء نفسي ، وأنا أعتبر مخالفة بسيطة كأنّها محرم؟ .. أو حين أرى التّخويف الهين من باب الإكراه على حين أعلم يقينا أنّ هذا ليس ما أراده الله سبحانه بهذه الكلمات؟ ..
ولا ريب أنّ الله عزوجل لم يجبني دائما بصراحة في الحالات المشتبهة ، وهو لا يوحي إلينا أيضا ، فأمامنا جميعا نفس الحل ، إيجابا وسلبا ، ولديّ دائما فرص لأرتكب خطأ في التّفسير ، أو في التّحديد.
وهذه الإحتمالية نتيجة طبيعية لظرفي الإنساني ، وللحرية الّتي أتاحها لي في هذا الظّرف نفسه.
__________________
(١) المائدة : ٣.