عن حماية صحتنا ، وحياتنا. حتّى إننا نستطيع أن نجد في كلّ لحظة من لحظات الحياة الإنسانية بعض المسئوليات ، وهي ليست إفتراضية فحسب ، بل حاضرة وواقعية ، متى ما تحققت لها الشّروط العامة. ثمّ إنّ اختلاف المواقف لا تتدخل إلّا من أجل تخصيص ، وتحديد موضوع هذه المسئولية.
على أننا لا ينبغي أن نخلط هنا معنيين متميزين تماما للمسئولية ، فعلى قدر ما تكف الإعتبارات الخاصة عن التّدخل (وهي من نوع ما سنراه بعد) نبقى في مرحلة المسئولية الطّبيعية ، الّتي هي مجرد طلب لموقف ، وكونك مسئولا لا يعني هنا سوى كونك جديرا بأن تكون هذا المسئول فحسب. فالإنسان مسئول طبيعيا من قبل أن يجعل نفسه مسئولا ، ومن قبل أن يعتبر مسئولا أخلاقيا.
والآن ، إذا كان حقا أنّ مسئوليتنا لصيقة بنا دائما ، بوجه أو بآخر ، فإنّ ذلك لا يترتب عليه أن نكون دائما على وفاق معها ، وحتّى بعد أن نحمل إلزاماتنا صراحة فإنّ لدينا الخيار أن نبقى مخلصين لها ، أو نخل بحقها ، تبعا لمّا إذا كنّا سوف نوجه جهدنا في نفس الإتجاه ، أو ندع أنفسنا لتأثير عوامل مضادة.
ومن هنا كانت مرحلة جديدة من المسئولية ، فبمجرد أن نتخذ قرارنا لمصلحة جانب ، أو آخر لم تعد المسئولية الّتي نتحملها بهذا العمل موجهة نحو المستقبل ، بل هي مرتدة نحو الماضي ، فنحن منذئذ مسئولون ، لا بإعتبارنا قادرين على العمل ، بل بإعتبارنا فاعلي فعل تام ، أي أنّ المسئولية تصبح تحملا لناتج الفعل ـ
وهكذا نصل إلى حدود العنصر الثّاني الفكرة. فعند ما ينهي المرء مهمته لا بد أن يقدم تقاريره. إنّ اللحظة الأولى من لحظات المسئولية تلهمنا الإحساس بقوتنا ،